الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص323
قال الماوردي : إذا اصطدم الفارسان فماتا وماتت دابتاهما وجب على كل واحد منهما نصف دية صاحبه ونصف قيمة دابته ، ويكون النصف الثاني هدراً ، وبه قال مالك .
وقال أبو حنيفة : يجب على كل واحد منهما جميع دية صاحبه وجميع قيمة دابته ، ولا يكون شيء منها هدراً ، وهو قول أبي يوسف ومحمد وأحمد وإسحاق استدلالاً بأمرين :
أحدهما : أن موت كل واحد منهما منسوب إلى فعل صاحبه فوجب أن يضمن جميع ديته ، كما لو جلس إنسان في طريق ضيقة فعثر به سائر فوقع عليه فماتا جميعاً كان على عاقلة السائر جميع دية الجالس ، وعلى عاقلة الجالس جميع دية السائر ، ولا يكون شيء من ديتهما هدراً ، كذلك اصطدام الفارسين .
والثاني : أن حدوث التلف إذا كان بفعله ويفعل صاحبه سقط اعتبار فعله في تعيينه وكان جميعه مضافاً إلى فعل صاحبه وهو المأخوذ بجميع ديته ، كما لو تعدى رجل بحفر بئر فسقط فيها سائر ممات ضمن الحافر جميع دية السائر وإن كان الوقوع فيها بحفر الحافر ومشى السائر ، كذلك في اصطدام الفارسين .
ودليلنا : ما روي عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه أنه قال : ‘ إذا اصطدم الفارسان فماتا فعلى عاقلة كل واحد منهما نصف دية صاحبه ‘ ، ولم يظهر له مخالف ، فإن كان هذا منتشراً فهو إجماع ، وإن لم ينتشر فهو حجة عند أبي حنيفة وعلى قول الشافعي في القديم ، ولأن موت كل واحد منهما كان بفعل اشتركا فيه ، لأنه مات بصدمته وصدمة صاحبه فوجب أن يضمن ما اختص بفعله ولا يضمن ما اختص بفعل