پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص321

بالجناية فكيف تجني أمة غيره ويكون بعض الغرم عليه ‘ .

قال الماوردي : إذا جنت أم الولد وجب على سيدها أن يفديها وهو قول الجمهور ، إلا أن أبا ثور وداود شذا عن الجماعة وأوجبا أرش جنايتها في ذمتها تؤديه بعد عتقها ، لقول الله تعالى ( ولا تزر وازرة وزر أخرى ) [ فاطر : 18 ] ولأنها إن جرت مجرى الإماء لم يلزم السيد الفداء ، وإن جرت مجرى الأحرار فأولى أن لا يلزمه ، فلما حرم بيعها صارت كالأحرار في تعلق الجناية بذمتها ، وهذا خطأ ؛ لأن من جرى عليه حكم الرق تعلقت جنايته برقبته ، وأم الولد قد حرم بيعها بسبب من جهته فصار كمنعه من بيع عبده وأمته يصير بالمنع ضامناً لجنايته ، وكذلك المنع من بيع أم الولد ، ولأنه قد صار مستهلكا لثمنها بالإيلاء كما يصير مستهلكاً لثمن عبده بالقتل ، ولو قتل عبده بعد جنايته ضمنها ، كذلك إذا جنت أمته بعد إيلادها ضمن جنايتها وفي هذا انفصال .

( فصل )

فإذا تقرر ما وصفنا من ضمان السيد لجنايتها فإن كانت عمداً اقتص منها لتعلق القصاص ببدنها ، وإن كانت خطأ أو عمداً عفى عن القصاص فيه ، فعلى السيد أن يفديها بأقل الأمرين من قيمتها أو أرش جنايته ، فإن كان أرش جنايتها أقل ضمن أرش الجناية ، لأنه لا يستحق المجني عليه أكثر منها ، وإن كان أرش جنايتها أكثر من قيمتها لم يضمن إلا قدر قيمتها ، لأنه يمنع الإيلاد كالمستهلك لها فلا يلزمه أكثر من القيمة كما لو قتل عبده بعد جنايته لم يضمن إلا قدر قيمته .

فإن قيل : أفليس لو منع من بيع عبده الجاني ضمن جميع الجناية في أحد القولين فهلا كان في أم الولد كذلك ؟

قيل : لأنه في المنع من بيع العبد مفوت لرغبة راغب يجوز أن يشتريه بأكثر من قيمته لو مكن من بيعه فجاز أن يضمن جميع جنايته ، وليست أم الولد بمثابته لعدم هذه الرغبة التي لا يجوز الإجابة إليها فافترقا .

( فصل )

فإذا غرم في جنايتها أقل الأمرين ثم جنت بعده على آخر نظر فيما غرمه السيد للأول من أقل الأمرين ، فإن كان هو أرش الجناية ، لأن قيمتها ألف وأرش جنايتها خمسمائة لزم السيد أن يغرم للثاني أرش جنايته إذا كان بقدر الباقي من قيمتها ، وهو أن يكون أرشها خمسمائة فما دون ، وإن كان ما غرمه للأول من أقل الأمرين هو جميع قيمتها وهي ألف ، فإذا جنت على الثاني ففيها قولان :

أحدهما : وهو اختيار المزني : يضمنها كضمان الأول بأقل الأمرين من قيمتها أو أرش جنايتها ويعلم للأول ما أخذه من أرش الجناية عليه لأمرين :

أحدهما : أنها قد عادت بعد الفداء إلى معناها الأول فوجب أن يضمنها كضمانه