پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص317

( مسألة )

قال الشافعي رحمه الله : ‘ وكل جناية عمد لا قصاص فيها فالأرش في مال الجاني ‘ .

قال الماوردي : أما جناية الخطأ المحض وعمد الخطأ فتحملها العاقلة ، وأما جناية العمد المحض ففي مال الجاني ، ولا تتحملها العاقلة ، سواء وجب فيها القصاص أو لم يجب كالجائفة والمأمومة .

وقال مالك : ما لا يجب فيه القصاص من العمد تتحمله العاقلة كالخطأ ، وهذا خطأ لقول النبي ( ص ) ‘ لا تحمل العاقلة عمدا ولا عبداً ‘ ولأن ما لم تتحمله العاقلة من العمد إذا وجب فيه القود لم تتحمله ، وإن لم يجب فيه القود كجناية الوالد على الولد ، ولأن جناية العمد مغلظة وتحمل العاقلة تخفيف فتنافا اجتماعهما ، ولأن تحمل العاقلة رفق ومعونة ، والعامد معاقب لا يعان ولا يرفق به ، والخاطئ معذور ، فلذلك خص بالمعونة والرفق .

( مسألة )

قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ وقيل جناية الصبي والمعتوه عمداً وخطأ يحملها العاقلة وقيل لا لأن النبي ( ص ) قضى أن تحمل العاقلة الخطأ في ثلاث سنين فلو قضينا بها إلى ثلاث سنين خالفنا دية العمد لأنها حالة فلم يقض على العاقلة بدية عمد بحال ( قال المزني ) هذا هو المشهور من قوله ‘ .

قال الماوردي : فلا قود عليهما فيه لعدم تكليفهما ، وفيه قولان :

أحدهما : أنه يجري عليه حكم الخطأ ، وإن كان في صورة العمد وهو قول أبي حنيفة ؛ لقول النبي ( ص ) ‘ رفع القلم عن ثلاثة عن الصبي حتى يحتلم ، وعن المجنون حتى يفيق ، وعن النائم حتى ينتبه ‘ ولأن كل ما سقط فيه القود بكل حال كان في حكم الخطأ كالخطأ .

والقول الثاني : أنه يجري عليه حكم العمد وإن سقط فيه القود ، لأن صفة العمد متميزة فكان حكمها متميزاً ، ولأن الصبي قد وقع الفرق فيه بين عمده ونسيانه إذا تكلم في الصلاة وأكل في الصيام وتطيب في الحج ، فوجب أن يقع الفرق بين عمده وخطئه في القتل ، لأن كل من وقع الفرق بين عمده وخطئه في العبادات وقع الفرق بينهما في الجنايات كالبالغ العاقل .

( فصل )

فإذا صح توجيه القولين قلنا بالأول منهما أن عمده كالخطأ ، فالدية مخففة تجب على عاقلته في ثلاث سنين لأن العاقلة لا تتحمل إلا مؤجلاً ، وإذا قيل بالثاني أن عمده عمد وإن سقط فيه القود ، فالدية مغلظة حاله تجب في ماله دون عاقلته ،