پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص312

ثمان مائة درهم ، فكان هذا القول منهم والقضاء به عليهم مع انتشاره في الصحابة إجماعاً لا يسوغ خلافه ، ومع أن حكم المجوسي في إقرارهم وأخذ جزيتهم منقول عن عمر ومعمول به إجماعاً فكذلك حكمه فيهم بالدية ، ولأنه لما نقصت رتبة المجوسي عن أهل الكتاب في تحريم نسائهم وأكل ذبائحهم نقصت ديتهم عن دياتهم ، لأن الديات موضوعة على التفاضل ، وإذا نقصت عنهم لم يكن إلا ما قلناه لقضاء الأئمة به .

( فصل )

فإذا تقرر ما وصفنا لم يخل حال من خالف دين الإسلام من أن يكون له أمان أولاً يكون ، فإن كان له أمان لم يخل حاله من ثلاثة أقسام :

أحدها : أن يكون من أهل الكتاب وهم اليهود والنصارى ، فديتهم ثلث دية المسلم ، سواء كانوا أصحاب ذمة أو عهد .

والقسم الثاني : أن لا يكونوا أهل كتاب ولكن سن بهم سنة أهل الكتاب في إقرارهم بالجزية وهم المجوسية ، فديتهم ثلثا عشر دية المسلم .

والقسم الثالث : أن لا يكونوا أهل كتاب ولا سن بهم سنة أهل كتاب وهم عبدة الأوثان الذين لا يقرون بالجزية ويقرون بالأمان والعهد ، فديتهم كدية المجوس ثلثا عشر دية المسلم ، لأنها أقل الديات فردوا إليها ، وإن كانوا أنقص رتبة من المجوس في أنهم يقرون بالجزية ، فأما الصابئون والسامرة فإن أجروا مجرى اليهود والنصارى في إقرارهم بالجزية وأكل ذبائحهم ونكاح نسائهم لموافقتهم في أصل معتقدهم كانت ديتهم ثلث دية المسلم ، وإن لم يقروا بالجزية لمخالفتهم لليهود والنصارى في أصل معتقدهم فديتهم إذا كان لهم أمان كدية المجوسي ثلثا عشر دية المسلم .

( فصل )

وأما من لم يكن له أمان ولا عهد فضربان :

أحدهما من بلغته دعوة الإسلام ، فنفوسهم مباحة ودماؤهم هدر لا تضمن بقود ولا عقل ، سواء كانوا أهل كتاب أو لم يكونوا ، كذلك دماء المرتدين عن الإسلام .

والضرب الثاني : أن يكونوا ممن لم تبلغه الدعوة ، قال الشافعي : ‘ ولا أحسب أحداً لم تبلغه دعوة الإسلام إلا أن يكون قوم وراء الذين يقاتلونا من الترك والجزر فدماؤهم محقونة حتى يدعوا إلى الإسلام فيمتنعوا فإن قتلوا قبل دعائهم إلى الإسلام ضمنت نفوسهم بالدية دون القود .

وقال أبو حنيفة : لا تضمن نفوسهم بقود ولا دية ، لأن دماء الكفار على الإباحة إلا من ثبت له عهد أو ذمة ، وهذا خطأ ، لأن الدماء محقونة إلا من ظهر منه المعاندة ،