پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص310

قضى أن دية اليهودي والنصراني أربعة آلاف درهم ، وهذا نص ذكره أبو إسحاق المروزي في شرحه .

فإن قيل : حديث من روى كمال الدية أزيد والأخذ بالزيادة أولى .

فالجواب عنه أن خبرنا أزيد لفظاً فكان أولى من خبرهم ، وإن كان أزيدهما لأن الأحكام مستنبطة من الألفاظ .

فإن قيل : يحمل على أنه قضى في السنة الأولى ثلث الدية لتأجيل دية الخطإ في ثلاث سنين ، فالجواب عنه أن قضاءه بأن دية اليهودي والنصراني أربعة آلاف درهم تدل على أن جميع ديته هذا القدر فلم يجز أن يحمل على قدرها وهو بعضها ، على أن ثلث الدية عندهم أقل من أربعة آلاف .

فإن قيل : يحمل على أنه قوم إبل الدية بأربعة آلاف درهم قيل : لا يصح من وجهين :

أحدهما : أن القيمة تختلف فلم يجز أن تقدر في عموم الأحوال .

والثاني : إنه قضى بالدراهم ولم يقض بها قيمة على أنا روينا عن عبادة بن الصامت أن النبي ( ص ) قضى في دية اليهودي والنصراني ثلث دية المسلم ، فبطل هذا التأويل .

ومن القياس : أنه مكلف لا يكمل سهمه من القيمة فوجب أن لا تكمل ديته كالمرأة ، ولا ينتقص بالصبي والمجنون ، لعدم التكليف ، ولأنه لما نقصت دية المرأة المسلمة عن دية الرجل لنقصها بالأنوثية ، وجب أن تنقص دية الرجل الكافر عن دية المرأة المسلمة لنقصه بالكفر ، لأن الدية موضوعة على التفاضل ، ولأنه لما أثر أغلظ الكفر وهو الردة في إسقاط جميع الدية وجب أن يؤثر أخفه في تخفيف الدية ، لأن بعض الجملة مؤثر في بعض أحكامها ، ولأن اختلاف الأمة في قدر الدية توجب الأخذ بأقلها كاختلاف المقومين يوجب الأخذ بقول أقلهم تقويماً ، لأنه اليقين .

فأما الجواب عن استدلالهم بمطلق الدية في الآية فلا يمنع إطلاقها من اختلاف مقاديرها ، كما لم يمنع من اختلاف دية الرجل والمرأة ودية الجنين ، لأن الدية اسم لما يؤدي من قليل وكثير .

وأما حديث عمرو بن شعيب فقد اختلفت الرواية عنه فتعارضت ، ويمكن حملها على أنها مثل دية المسلم في التغليظ والتخفيف والحلول والتأجيل حتى لا يكون نقصان قدرها موجباً لإسقاط حلولها وتغليظها .