الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص307
فإن قيل : فليس يمتنع هذا لأنكم توجبون في قطع الأصابع ما توجبونه في جميع الكف وهو أقل ؟
قيل : لأن منفعة الكف ذاهبة بقطع الأصابع فلذلك وجب فيها ما يجب في جميع الكف ، وخالف ذلك في مسألتنا فعلى هذا لا يجوز أن يجب فيما دون الموضحة ، إن كثر شينها دية الموضحة ووجب أن ينقص منها ما يؤدي إليه الاجتهاد ، وكذلك لا يبلغ بالحكومة على الكف دية الكف ، ولا بالحكومة على الإصبع دية الإصبع ، ولا بالحكومة على الأنملة دية الأنملة ، وهو معنى قول الشافعي في الجراح : ‘ على قدر دياتهم ‘ يعني وفي الجراح على الأعضاء على قدر دياتها لا يبلغ بحكومتها قدر ديتها ، وتأوله بعض أصحابنا أنه يعتبر نقص الحكومة من دية العضو لا من دية النفس ، وهو قول من قدمنا مذهبه في اعتبار الحكومة ، وقد أبطلناه بما ذكرناه .
ثم قال الشافعي : ‘ والمرأة منهم وجراحها على النصف من دية الرجل فيما قل أو كثر ‘ .
يعني أن دية شجاج المرأة وجراحها وأطرافها على النصف من دية الرجل ، لأن ديتها نصف دية الرجل ، فيجب في موضحتها بعيران ونصف ، وفي هاشمتها خمس ، فأما حكومتها فهي معتبرة من ديتها ، وديتها على النصف ، فأغنى ذلك عن تنصيف الحكومة .
قال الماوردي : وهذا صحيح ، لأن ما اقتضاه التعليل المتقدم من تغليظ شجاج الرأس ، والوجه على جراح الجسد يوجب اعتبار حكوماتها بحال الشين بعد الاندمال ، ولا يعتبر فيها أغلظ الأمرين ، وإذا كان كذلك لم يخل حال الجراح في الجسد من أن تكون على عضو أو في البدن ، فإن كانت على عضو اعتبر في حكومتها حال الشين بعد الاندمال ، فقوم سليماً وشائناً ، ووجب بقسط ما بينهما من دية الحر وقيمة العبد إلا أن تزيد على دية العضو فينقص منها قدر ما يؤدي الاجتهاد إليه ، وإن كانت على البدن كالظهر والبطن والصدر ففيه وجهان :
أحدهما : وهو الظاهر من منصوص الشافعي : أنه يعتبر حكومة الشين ما لم تبلغ دية النفس ، فإن بلغها نقص منها ولا اعتبار بدية الجائفة .
والوجه الثاني : أنه يعتبر حكومة الشين ما لم تبلغ دية الجائفة ، فإذا بلغها نقص