پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص305

بكر رضي الله عنه قد خالفه فأوجب فيها ثلث الدية ، فتعارض قولاهما ولزمت الحكومة ، وخالف الترقوة والضلع الذي لم يظهر فيه مخالف لعمرو ، ولو قدره عمر بالجمل تقديراً عاماً في جميع الناس ما جاز خلافه ، لأنه صار إجماعاً ، ولكنه قضى به في رجل بعينه انتهت حكومته إليه ، وجاز أن يؤديه اجتهاده في غيره إلى أقل منه أو أكثر بحسب الشين ، فلذلك لم يصر حداً ، وخالف حكم الصحابة في جزاء الصيد الذي يكون اجتهادهم فيه متبوعاً ، لأنه على العموم دون الخصوص .

( فصل )

فإذا ثبت في الترقوة والضلع حكومة فإن انجبر مستقيماً قلت حكومته ، وإن انجبر معوجاً كانت حكومته أكثر ، وإن كان مع اعوجاجه قد صار ذا عقدة كانت حكومته أكثر ، لأن زيادة الشين في الحكومات معتبرة ، وكذلك إذا كسر سائر عظام الجسد سوى الأسنان ففيه حكومة بقدر ضرره وشينه لا يبلغ دية ذلك العضو إلا أن يشل ، فلو ضرب عظمه حتى تشظى لم يجب فيه دية منقلة ولا هاشمة كما لا تجب في موضحة الجسد دية الموضحة في الرأس ، وكانت الحكومة [ فيه بقدر ألمه وضرره وشينه ، فلو أنفذ عظمه وأخرج مخه كانت الحكومة ] أكثر ، لأن الضرر أعظم والخوف أكثر ، ولو سلخ جلده فضرره أعظم وخوفه أكثر ، وفيه حكومة لا تبلغ دية النفس ، ويعتبر اندماله ، فإن عاد جلده كانت حكومته أقل منها إذا لم يعده ولو لطمه فإن أثر في جلده أثراً بقي شينه ففيه حكومة ، وإن لم يبق له أثر فلا شيء فيه ويعزر اللاطم أدباً ، فصار تقدير هذا الشرح أنه متى بقي للجناية أثر شين في الجرح ، أو في كسر العظم ، أو في اللطم وجبت فيه حكومة ، وإن لم يبق من ذلك أثر شين في كسر العظم وفي جرح الجسد وفي اللطم وجب في كسر العظم حكومة ولم تجب في اللطمة حكومة ، وفي وجوب الحكومة في الجرح وجهان ، لأن العظم وإن انجبر مستقيما فهو بعد الجبر أضعف منه قبله ، فلذلك وجبت فيه الحكومة واللطمة لم تؤثر في الجسد شيئاً ولا ضعفاً فلذلك لم يجب فيها حكومة .

فأما الجرح فمتردد بين هذين فلذلك كان على وجهين :

أحدهما : فيه حكومة ، لأنه قد أسال دماً وأحدث نقصاً كالعظم إذا انجبر مستقيماً .

والثاني : لا حكومة فيه ، لأنه ما أحدث شيناً ولا ضعفاً كاللطمة إذا لم تحدث أثراً والله أعلم .