الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص304
قال الماوردي : وقد مضت هذه المسألة وذكرنا أن ما تقدرت فيه الدية من الأعضاء والأسنان كان في أبعاضها إذا عرف مقداره منها قسطه من ديتها ، لأن ما قابل جملة تقسط على أجزائها كالأثمان ، فيكون في نصف السن نصف دية السن ، وفي نصف الأذن نصف دية الأذن ، وكذلك فيما زاد ونقص ، فإن جهل قدر الذاهب من الباقي تقدر تقسيط الدية عليه فوجبت فيه حكومة .
قال الماوردي : نقل المزني عن الشافعي انه قال : في الترقوة جمل إذا كسرت ، وفي الضلع جمل إذا كسر ، وهذا قاله في القديم ، ونقل عنه في الجديد أن فيهما حكومة ، فاختلف أصحابنا فكان المزني وطائفة من المتقدمين يخرجون ذلك على قولين :
أحدهما : أن الجمل منهما تقدير يقطع الاجتهاد فيه ويمنع من الزيادة عليه والنقصان منه ؛ لأن عمر رضي الله عنه حكم فيهما بالجمل ، ومذهب الشافعي أن قول الصحابي إذا انتشر ولم يظهر له مخالف وجب العمل به ، وإن لم ينتشر فعلى قولين ، وهذا قول قد انتشر فكان العمل به واجباً .
والقول الثاني : أن فيه حكومة ، لأن مقادير الديات تؤخذ عن نص أو قياس ، وليس فيه نص عن الرسول ( ص ) ولا أصل يقاس عليه وجوب الجمل فيه ، وقال أبو إسحاق المروزي وأبو علي بن أبي هريرة وأكثر المتأخرين : إنه ليس ذلك على قولين ، ومذهبه فيه وجوب الحكومة ، وإنما ذكر فيهما الجمل تبركاً بقول عمر ، وأثبته على قدر الحكومة أنها لا تبلغ دية السن ، وأن ما نفذ من الاجتهاد فيه بهذا القدر كان ما تعقبه عن الاجتهاد مقارناً له ، فإن زاد عليه فيصير وإن نقص عنه فيصير ، ولا يصير حدا لا يتجاوز .
فأما العين القائمة فلا تتقدر رقبتها فصارت يد بمائة دينار قولاً واحداً ، لأن أبا