الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص301
أحدها : ما لا يحدث أخذه شيناً في جميع الناس وذلك مثل شعر الإبط والعانة فلا شيء فيه ، سواء عاد أو لم يعد ، إلا أن يحدث في الجلد أثرا فيلزم في أثر الجلد حكومة دون الشعر المأخوذ منه ، وقد خرج بعض أصحابنا فيه وجها ثانياً أن فيه إذا لم يعد حكومة وإن كان ذهابه أجمل ، لأن الشافعي قد أوجب في لحية المرأة إذا نتفت فلم تعد حكومة ، وإن كان ذهابها أجمل بالمرأة من بقائها وهما في المعنى سواء .
والقسم الثاني : ما يحدث أخذه شيناً في جميع الناس كشعر اللحية والحاجبين وأهداب العينين ففيه إذا لم يعد حكومة ، وإن عاد مثل نباته قبل أخذه ففيه وجهان :
أحدهما : لا شيء فيه .
والثاني : فيه حكومة هي دون حكومة ما لم يعد ، وقد لوح الشافعي إلى الوجهين معا ، فلو خرج على قولين كان محتملاً ، فلو نبت بعضه ولم ينبت بعضه لزمته حكومة ما لم ينبت ، وفي حكومة ما نبت وجهان على ما مضى .
والقسم الثالث : ما يحدث أخذه شيناً في بعض الناس ، ولا يحدث شيناً في بعضهم وهو شعر الرأس والشارب ، يحدث شيناً فيمن لم تجر عادته بحلق رأسه وحف شاربه ، ولا يحدث شيناً فيمن جرت عادته بذلك ، فإن أخذه من لا يشينه أخذه فلا شيء عليه إن عاد ، وإن لم يعد فهل فيه حكومة هي أقل من حكومة الشعر أم لا ؟ على وجهين ، وإن أخذه ممن يشينه أخذه ففيه إن لم يعد حكومة وهي أكثر من حكومته فيمن لا يشينه أخذه ، وإن عاد ففيه ما قدمناه من الوجهين .
فأما القصاص في نتف الشعر فلا يجب لاختلاف الناس في كثافته وخفته ، وطوله وقصره ، وشينه وجماله وذهابه ونباته .
قال الماوردي : وجملة الأروش في الجنايات ضربان :
أحدهما : ما ورد الشرع بتقديره فينطلق عليه اسم الدية واسم الأرش إلا دية النفس فلا ينطلق عليها اسم الأرش ، لأن الأرش لتلافي خلل ولم يبق مع تلف النفس ما يتلافى فلم تسم ديتها أرشاً ، فكل شيء تقدرت ديته بالشرع زال الاجتهاد فيه ، وساوى حكم مع قلة الشين وكثرته ، فما تقدرت أروشه بالدية الكاملة كالأنف واللسان والذكر ففيه من العبد جميع قيمته ، وما تقدر أرشه بنصف الدية كإحدى العينين وإحدى اليدين والرجلين ففيه من العبد نصف قيمته ، وما تقدر أرشه بعشر الدية كالإصبع ففيه