الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص293
وجب عليها القصاص إن أمكن ، وقال المزني : لا قصاص مع المكنة ، لأنه قطع لحم من لحم ، وليس كذلك ؛ لأن أحدهما في الخلقة يجري عليهما حكم المفصل في القصاص ، وسواء قطعا من بكر أو ثيب ، صغيرة أو كبيرة ، يطاق جماعها أو لا يطاق ، من رتق أو قرن ، لأن الرتق والقرن عيب في الفرج مع سلامة الإسكتين فجريا في كمال الدية مجرى شفتي الأخرس وأدنى الأصم وأنف الأخشم ، ولو ضرب إسكتيها فشلا كملت ديتها ولا قصاص فيهما كاليد إذا شلت ، وهو بخلاف الأذن إذا استحشفت في أحد القولين ، لأن شللهما قد أذهب من منافعهما ما لم يذهب استحشاف الأذن ، ولو قطع إحدى الأسكتين كان فيه نصف الدية كما لو قطع إحدى الشفتين .
فأما الركب فهو بمنزلة العانة من الرجل ، وفي قطعه من المرأة حكومة لا يبلغ بهما الدية ، فإن قطعه مع الشفرين فعليه دية في الشفرين وحكومة في الركب ، والمخفوضة وغيرها سواء ، والخفض قطع جلدة نابتة في أعلى الفرج مثل عرف الديك وهي التي ورد الشرع بأخذها من النساء كالختان في الرجال ، ولا شيء فيها إن قطعت بجناية من دية ولا حكومة لورود الشرع بأخذها تعبداً ، وإن كان يأخذها متعدياً إلا أن تسري فيضمن أرش سرايتها لتعديه .
قال الماوردي : أما إفضاء المرأة فقد اختلف أصحابنا فيه فذهب أبو علي بن أبي هريرة وجمهور المصريين إلى أنه هتك الحاجز الذي بين سبيل الفرجين القبل والدبر ، وذهب أبو حامد الإسفراييني وجمهور البغداديين إلى أنه هتك الحاجز الذي في الفرج بين مدخل الذكر ومخرج البول ، وهذا قول أبي حنيفة ، والأول أظهر ، لأن خرق الحاجز الذي في القبل بين مدخل الذكر ومخرج البول ، وهذا قول أبي حنيفة ، والأول أظهر ، لأن خرق الحاجز الذي في القبل بين مدخل الذكر ومخرج البول هو استهلاك لبعض منافعه وليس في أعضاء الجسد ما تكمل الدية في بعض منافعه ، وإذا خرق ما بين السبيلين كان استهلاكا لجميع المنافع فكان بكمال الدية أحق .
فإن قيل بهذا أنه خرق ما بين السبيلين كان على خرق الحاجز الذي في القبل حكومة .
وإن قيل : إنه خرق حاجز القبل كان خرق ما بين السبيلين أولى بوجوب الدية ، فإذا ثبت هذا فالإفضاء مضمون بالدية الكاملة وإن كان البول معه مستمسكا ، فإن استرسل البول ولم يستمسك وجب مع دية الإفضاء حكومة في استرسال البول .