پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص289

والوجه الثاني : تلزمه ديتان وهو الظاهر من مذهب الشافعي ، لأنهما منفعتان في محلين فلزمت فيهما ديتان ، وإن كانت الجناية على محل واحد ، كما لو قطع أذنه فذهب سمعه ، أو جدع أنفه فذهب شمه .

( فصل )

ولو جنى عليه فالتوت عنقه وانعطف وجهه فصار كالملتفت وجهه وجبت فيه حكومة بحسب الشين والألم لا تبلغ بها الدية ، لبقاء بعض المنافع ، ولو كان وجهه بعد الجناية على استقامته لكنه لا يقدر على الالتفات به كانت فيه حكومة وهي أقل من حكومة انعطافه ، لأن شينه أقل ، فإن ذهب بها بعض كلامه لزمه مع حكومة الوجه دية ما ذهب من الكلام ، فإن أذهب جميع كلامه بالتواء عنقه كملت دية الكلام وزيد في حكومة الالتواء ، فإن كان لا يقدر على مضغ الطعام إلا بشدة ضم إلى ذلك حكومة في نقصان المضغ ، فإن كان لا يقدر على المضغ ولا يصل الطعام إلى جوفه إلا بالوجور زيد في حكومته ، فإن كان لا ينساغ الطعام ولا يصل إلى جوفه بوجور ولا غيره قيل : هذا لا يعيش وينتظر به فإن مات وجبت ديته .

( مسألة )

قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ ودية المرأة وجراحها على النصف من دية الرجل فيما قل أو كثر ‘ .

قال الماوردي : دية المرأة في نفسها على النصف من دية الرجل وهو قول الجمهور ، وقال الأصم وابن علية ديتها كدية الرجل لأمرين :

أحدهما : أن تساويهما في القصاص يوجب تساويهما في الدية .

والثاني : أن استواء الغرة في الجنين الذكر والأنثى يوجب تساوي الدية في الرجل والمرأة ، لأن الغرة أحد الديتين .

والدليل على صحة ما ذهب إليه الجمهور رواية معاذ بن جبل وعمرو بن حزم أن النبي ( ص ) قال : ‘ ودية المرأة على النصف من دية الرجل ‘ وهذا نص ، ولأنه قول عمر وعلي وابن عباس وزيد بن ثابت رضي الله عنهم وليس بعرف لهم مخالف فصار إجماعاً ، ولأن الدية مال والقصاص حد ، والمرأة تساوي الرجل في الحدود فساوته في القصاص ، ولا تساويه في الميراث وتكون على النصف منه فلم تساوه في الدية ،