الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص277
اللحيين أسنان فمعلوم أنها لا تنبت مع قلعها فعليه دية اللحيين وديات الأسنان ، ولا تدخل دياتها في دية اللحيين .
فإن قيل : فهلا دخلت ديتها في دية اللحيين لحلولها فيها كما دخلت دية الأصابع في دية اليد .
قيل : الفرق بينهما من ثلاثة أوجه :
أحدها : أن اسم اليد ينطلق على الكف والأصابع ولا ينطلق اسم اللحيين على الأسنان ولا اسم الأسنان على اللحيين .
والثاني : أن اللحيين قد يتكامل خلقهما مع عدم الأسنان في الصغير ويبقيان على كمالهما بعد ذهاب الأسنان من الكبير ، ولا يكمل خلق اليد إلا مع أصابعها ، ولا تكون كاملة بعد ذهابها .
والثالث : أن للحيين منافع غير حفظ الأسنان ، وللأسنان منافع غير منافع اللحيين ، فانفرد كل واحد منهما بحكمة وليس كذلك في منافع الكف ، لأنه يحفظ الأصابع ، فإذا زالت بطلت منافعها فصارت تبعا لهما فلو جنى على لحييه فيبستا حتى لم ينفتحا ولم ينطبقا ضمنهما بالدية كاليد إذا شلت ، ولا يضمن دية الأسنان وإن ذهبت منافعها ، لأنه لم يجن عليها ، وإنما وقف نفعها بذهاب منافع غيرها ، نص عليه الشافعي في كتاب ‘ الأم ‘ فلو أعوج اللحيان لجنايته وجب عليه حكومة بحسب شينه وضرره ، ولا يبلغ بها الدية إذا كانا ينطبقان وينفتحان .
قال الماوردي : أما إذا ضرب سنه فاصفرت أو اخضرت ففيها حكومة إذا لم يذهب شيء من منافعها ، وحكومة الخضرة أكثر من حكومة الصفرة ، لأنها أقبح ، فأما إن ضربها فاسودت فقد قال الشافعي هاهنا ، فيها حكومة كما لو اصفرت أو اخضرت ، وقال في كتاب العقل ثم عقلها فاختلف أصحابنا فكان المزني والمتقدمون منهم يخرجون ذلك على اختلاف قولين :
أحدهما فيها حكومة واختاره المزني ، لبقاء منافعها بعد سوادها ، كما لو جنى على عينه فاسود بياضها لبقاء نظرها بعد سواد البياض .