الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص269
أخرس ، كما لو أشل يده بجناية ثم قطعها بعد الشلل لزمته دية في الشلل وحكومة في القطع بعده .
قال الماوردي : وهذا من جملة ما مضى إذا اختلفا بعد قطع اللسان في سلامته وخرسه فادعى الجاني أنه كان أخرس وادعى المجني عليه أنه كان ناطقاً فاللسان من الأعضاء الظاهرة في الكبير ، لأنه يقدر على إقامة البينة بنطقه وسلامته ، فيكون القول فيه قول الجاني مع يمينه إن لم يعترف له بتقدم السلامة ، لأن الأصل براءة ذمته من قود وعقل ، فإن اعترف له بتقدم السلامة وادعى زوالها قبل جنايته فهو على قولين كمن قطع ملفوفاً في ثوب وادعى أنه كان ميتاً فيه قولان ، كذلك هاهنا .
فإن قيل : فكيف يصح من المقطوع اللسان أن يقول لم أكن أبكم وهو لا يقدر بعد قطعه على القول .
قيل : معناه أنه أشار بالعين فعبر عن الإشارة بالقول كما قال الشاعر :
فعبر عن إشارة العينين بالقول .
أحدهما : أنها عطية من الله لا يسترجع بها ما أخذه من ديتها ، فعلى هذا أولى في اللسان أن يكون عطيته مستجدة لا يسترجع بعد نباته بما أخذه من ديته .
والقول الثاني : أن هذه السن الثابتة خلف من السن الذاهبة دل على بقاء أصلها ، فيسترجع منه بعد نباتها ما أخذه من ديتها ، فعلى هذا هل يكون حكم اللسان إذا نبت كذلك أم لا ؟ على وجهين ذكرناهما في عود ضوء العين بعد ذهابه ، ولكن لو جنى على لسانه فخرس وغرم ديته ثم عاد فنطق رد ما أخذه من الدية قولاً واحداً ، بخلاف اللسان إذا نبت .
والفرق بينهما أن ذهاب اللسان مستحق وأن النابت غيره وذهاب الكلام مظنون ، فدل النطق على بقائه .