پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص268

( مسألة )

قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ وفي لسان الصبي إذا حركه ببكاء أو بشيء يغير اللسان الدية ‘ .

قال الماوردي : وجملة ذلك أن لسان الصبي الطفل يعجز عن الكلام لضعف الصغر كما تعجز أعضاؤه عن استيفاء الحركة ، فيلزم في لسانه إذا كان معروف السلامة جميع الدية مثل ما يلزم في لسان الناطق الكبير ، كما يلزم في رجليه جميع الدية إذا عرفت سلامتهما وإن كان ينهض للمشي بهما ، وإذا كان كذلك فأول ما يظهر من الطفل حرف الحلق في البكاء ، ثم حروف الشفة في بابا وماما ، ثم حروف اللسان إذا تكلم ، وبعض ذلك يتلو بعضا ، فإذا عرف منه أحد هذه الثلاثة في زمانه دل على سلامة لسانه فكملت فيه الدية وإن لم يستكمل الكلام ، لأنه يكمل في غالب العرف إذا بلغ زمان الكمال ، وإن لم يظهر منه في أوقات هذه الحروف ما يدل على سلامة لسانه كان ظاهره دليلا على خرسه ، فيلزمه فيه حكومة ، ولو قطعه ساعة ولادته قبل أوقات حركات لسانه صار لسانه وإن كان من الأعضاء الظاهرة من الكبير جارياً مجرى الأعضاء الباطنة فيكون على قولين :

أحدهما : يحمل على الصحة ، لتعذر البينة فيه اعتباراً بالأغلب من أحوال السلامة ، وتكمل فيه الدية .

والقول الثاني : أنه يحمل على عدم الصحة ، لأن لا يقضي بالإلزام مع إمكان الإسقاط اعتباراً ببراءة الذمة ، وتجب فيه حكومة .

( مسألة )

قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ وفي لسان الأخرس حكومة ‘ .

قال الماوردي : وإنما لم يجب في لسان الأخرس الدية ، لأنه قد سلب الكلام الذي هو الأخص الأغلب من منافع اللسان وإن بقي بالخرس بعض منافعه وهو الذوق وتصرفه في مضغ الطعام فلم تبلغ ديته دية لسان كامل المنافع .

فإن قيل : فمثله لسان الصبي فهلا كان فيه أيضاً حكومة ؟

قيل : لأن لسان الصبي سليم الكلام ، وإن لم يظهر في زمانه ، وهذا معدوم الكلام ، لأنه مفقود في زمانه فافترقا ، فلو كان اللسان مسلوب الذوق لا يحس به طعوم المأكولات والمشروبات وهو ناطق سليم الكلام لم تكمل فيه الدية ، وكان فيه حكومة كالأخرس ، وإن لم يذكره الشافعي بناء على ما قدمناه في الجناية عليه إذا أذهبت بذوقه أن فيه الدية ، وحكومة المسلوب الذوق أقل من حكومة المسلوب الكلام ، لأن نقص الكلام أظهر ، والحاجة إليه أدعى ، ولو ابتدأ بالجناية على لسان ناطق فأخرسه ، وضمن بالخرس ديته ، ثم عاد هو فقطع لسانه لزمه حكومة ، لأنه قطع بعد الجناية الأولى لسان