الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص266
باعتبارها فصار حرف اللثغة ذاهباً ، وكذلك لو صار به أرت ، لأن ما خفي بالرتة معدوداً في الذاهب دون السليم ، لأن الأرت يأتي من الكلمة بعضها ويسقط بعضها ولو صار أرد يردد الكلمة مراراً أو فأفاءاً يكرر الفاء مراراً ، أو تمتاماً يكرر التاء مراراً ، عد ذلك منه في السليم دون الذاهب ، لأن الحرف منه سليم ، وإن تكرر ففيه حكومة ، لأن فيه مع بقائه نقصاً ، ولو كان الباقي من حروف كلامه بعد الذاهب منه لا يفهم معناه لم يضمنه الجاني ، للعلم بأن بعض الحروف لا يقوم مقام جميعها فلم يلزم إلا ضمان الذاهب منها .
أحدهما : وهو تعليل أبي كنيز وظاهر تعليل الشافعي في الأم : أن منفعة العضو إذا ضمنت بديته اعتبر فيها الأكثر من ذهاب المنفعة أو ذهاب العضو .
ألا ترى أنه لو قطع الخنصر من أصابع اليد فشل جميعها لزمه دية جميعها ، لذهاب جميع منافعها ، ولو لم يشل باقيها لزمه دية الإصبع وهو خمس دية اليد ، لأنه أخذ خمس اليد وإذا كان الذاهب بها أقل من خمس المنفعة ، كذلك فيما ذهب من اللسان والكلام .
والوجه الثاني : وهو تعليل أبي إسحاق المروزي أن قطع ربع اللسان إذا أذهب نصف الكلام دليل على شلل ربع اللسان في الباقي منه ، فيلزمه نصف ديته ، ربعها بالقطع ، وربعها بالشلل ، وفائدة هذا الاختلاف في التعليل مؤثر في فرعين :
أحدهما : أنه يقطع ربع لسانه فيذهب نصف كلامه فيلزمه نصف الدية ، ثم يأتي آخر فيقطع باقي لسانه فعلى التعليل الأول تلزمه ثلاثة أرباع الدية ، لأنه قطع ثلاثة أرباع