الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص264
أحدهما : أن يكون نقصان ضعيف ، وهو أن يدرك الفرق ما بين الحلو والحامض ولا يدرك حقيقة الحلو وحقيقة الحامض ، فذا ناقص المذاق ولا ينحصر قدر نقصانه فيتقسط عليه الدية ، فوجب أن تلزمه حكومة تختلف باختلاف النقصان في القود والضعف .
والضرب الثاني : أن يذهب بها بعض ذوقه مع بقاء بعضه فيصير مدركاً طعم الحامض دون الحلو وطعم المر دون العذب ، فيلزمه من الدية بقسط ما أذهب من مذاقه ، وعدد المذاق خمسة ، ربما فرعها أهل الطب إلى ثمانية على أصولهم لا نعتبرها في الأحكام ، لدخول بعضها في بعض كالحرافة مع المرارة ، والخمسة المعتبرة الحلو ، والحامض ، والمر ، والعذب والمالح فتكون دية الذوق مقسطة على هذه الخمسة ، فإن أذهب واحد منها وجب عليه خمس الدية ، وفي الاثنين خمساها ، ولا يفضل بعضها على بعض كما تقسط دية الكلام على أعداد حروفه .
قال الماوردي : وهو كما قال : إذا ذهب بالجناية على اللسان بعض كلامه اعتبر قدر الذاهب منه بعدد حروف المعجم التي عليها بناء جميع الكلام ، وهي تسعة وعشرون حرفاً إن كان عربي اللسان ، وإن كان أعجمي اللسان اعتبر عدد حروف كلامه ، فإن حروف اللغات مختلفة الأعداد والأنواع ، فالضاد مختصة بالعربية ، وبعضها مختص بالأعجمية ، وبعضها مشترك بين اللغات كلها ، وبعض اللغات يكون حروف الكلام ، فيها أحد وعشرون حرفاً وبعضها ستة وعشرون حرفاً ، وبعضها أحد وثلاثين حرفاً ، فيعتبر قدر ما ذهب من الكلام بقدر حروف اللغة التي يتكلم بها المجني عليه ، فإذا كان عربي اللسان يقسط على تسعة وعشرين حرفاً ، ومنهم من عدها ثمانية وعشرون حرفاً وأسقط حرف لا لدخوله في الألف واللام ، وسواء في ذلك حروف الحلق والشفة ، هذا ظاهر مذهب الشافعي وقول جمهور أصحابه ، وقال أبو سعيد الإصطخري وأبو علي بن أبي هريرة يكون ما ذهب من الكلام معتبراً بعدد حروف