الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص262
نظر فإن انبسطتا فذلك نقص في المنفعة تجب فيه حكومة ، وإن لم تنبسط بالمد فهو ذهاب جميع المنفعة فتكمل فيهما الدية ، ولو تقلص بعضها ولم ينبسط بالمد ففيه من الدية بحساب ما تقلص ، ولو جنى عليها فاسترختا حتى لا ينفصلا عن الأسنان إذا كشر أو ضحك ففيهما الدية كاملة ، نص عليه الشافعي ، وفيه عندي نظر ، لبقاء منفعتهما بحفظ الأسنان وما يدخل الفم من طعام وشراب ، فاقتضى لأجل ذلك أن تجب فيه حكومة بخلاف تقلصهما المذهب لجميع منافعهما ، ولو شق الشفة فلم يندمل حتى صار كالأعلم إن كان الشق في العليا وكالأقلع إن كان الشق في السفلى ، ففيه حكومة بحسب الشين لا يبلغ بها إحدى الشفتين ، وإن اندملت ففيه حكومة إن تقل عن حكومة ما لم يندمل ، وتقل إن اندملت ملتئمة وتكثر إن اندملت غير ملتئمة ولو قطع شقة مشقوقة لزمه جميع ديتها إن لم يذب الشق شيئاً من منافعها ، ويقسطه إن أذهب معلوم القدر من منافعها ، وحكومة تقل عن ديتها إن لم يعلم قدر الذاهب من منافعها .
وقال أبو حامد الإسفراييني : لا قود فيهما ، لأنه قطع لحم من لحم فصار كقطع بضعة من لحمة .
وهذا خطأ ، وما قاله الشافعي من وجوب القود أصح ، لأنه محدود وإن كان لحماً متصلا بلحم فشابه المحدود بالمنفصل وخالف البضعة من اللحم التي ليس لها حد ولا مفصل .
قال الماوردي : وهذا صحيح ، لرواية عمرو بن حزم أن رسول الله ( ص ) قال في كتابه إلى اليمن ‘ وفي اللسان الدية ‘ ولأنه قول أبي بكر وعمر وعلي وابن مسعود رضي الله عنهم ولا مخالف لهم ، ولأنه عضو من تمام الخلقة فيه جمال ومنفعة يألم بقطعه ، وربما سرى إلى نفسه فوجب أن تكمل فيه الدية كسائر الأعضاء ، فأما جمال اللسان فقد
روى ابن عباس أنه قال يا رسول الله فيم الجمال ؟ قال : ‘ في اللسان ‘ .
وروي عنه ( ص ) أنه قال : ‘ المرء مخبوء تحت لسانه ‘ .