الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص258
أحدهما : لا شيء فيها لعدم التأثير ويعزر لأجل الأذى .
والثاني : فيها حكومة دون حكومتها لو عاد نباتها خفيفاً ، فإن استأصل أجفانه مع أهدابها فعليه دية الجفون تدل فيها حكومة الأهداب ، وحكى أبو حامد الإسفراييني رحمه الله وجهاً آخر أنه يجمع عليه بين دية الجفون وحكومة الأهداب ، وهذا لا وجه له ، لأن الجفون محل الأهداب فلم ينفرد بالحكومة فيها كالأصابع مع الكف .
وقال أبو حنيفة : فيه دية ، لأنه يوجبها في أربعة شعور : شعر الرأس ، واللحية ، والحاجبين ، وأهداب العينين ، إلا أن يكون عبدا فيجب فيه ما نقص من قيمته ، وقد تقدم الكلام .
فلو عاد شعر الحاجبين بعد نتفه فعلى ما ذكرنا من الوجهين ، فلو كشط جلدة الحاجبين ولم يستخلف ، كان عليه حكومة بحسب الشين هي أكثر من حكومة الشعر ، فإن أوضح محلهما كان عليه دية موضحتين ، وهل يدخل فيهما حكومة الشين أم لا ؟ على وجهين ذكرنا نظيرهما من قبل .
قال الماوردي : وفي الأنف الدية ، لما روى ابن طاوس عن أبيه أنه كان عنده كتاب من رسول الله ( ص ) ‘ وفي الأنف إذا أوعب مارنه جدعاً الدية ‘ فأورد الشافعي رحمه الله ذلك بلفظ رسول الله ( ص ) إذا أمكن ، فإن لم يمكن فبألفاظ الصحابة ، فإن لم يجد فبألفاظ التابعين ، وكثيراً ما يوردها بلفظ عطاء بن أبي رباح .
وروى عمرو بن حزم عن النبي ( ص ) أنه قال : في كتابه إلى اليمن : ‘ وفي الأنف إذا أوعب جذعاً مائة من الإبل ‘ لأن الأنف عضو فيه منفعة وجمال تألم بقطعه ، وربما سرت الجناية عليه إلى نفسه فوجب أن يكمل فيه الدية كاللسان والذكر ، ومارن الأنف هو ما لان من الحاجز بين المنخرين المتصل بقصبة الأنف .
والقصبة هي العظم المنتهي إلى الجبهة ، وكمال الدية فيه يجب باستيعاب المارن مع المنخرين ، وسواء في ذلك الأنف الأقنى والأفطس والأحجر ، والأخنس ، وأنف الأشم والأخشم فإن قطع أرنبة الأنف وتجزأ فيه من الدية بحسابه وقسطه ، وإن لم يتجزأ ففيه حكومة ، ولو قطع أحد المنخرين وبقي المنخر الآخر مع المارن ففيما يلزمه من الدية وجهان حكاهما أبو حامد الإسفراييني :