الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص252
سنه ] ، فإن عاد فيها برئ الجاني من القود والدية ، وكان مأخوذاً بحكومة الجناية إن أثرت ، ولم يعزر ، وإن لم تؤثر عزر ولم يغرم ، وإن لم يعد في السنة حتى انقضت أخذ الجاني بالقود في العمد والدية في الخطأ ، فعلى هذا لو جنى عليه قبل انقضاء السنة أخر ففقأ عينه فدية البصر والقود فيه على الأول دون الثاني ، لأنه ذهب بجناية الأول ولم يعد عند جناية الثاني ، فلو اختلف الأول والثاني فقال الأول : عاد البصر قبل جنايتك فأنت المأخوذ بالقود فيه أو الدية دوني .
وقال الثاني : بل كان البصر عند جنايتي على ذهابه فأنت المأخوذ فيه بالقود أو الدية دوني ، فالقول قول الثاني مع يمينه دون لأول ، لأننا على يقين من ذهابه وفي شك من عوده . فإن ادعيا علم المجني عليه لم يخل حاله إن أجاب من أحد أمرين : إما إن يصدق الأول أو الثاني ، فإن صدق الثاني أن بصره لم يعد حلف للأول وإن طلب يمينه ، وقضى عليه بالقود أو الدية .
وإن صدق الأول أن بصره عاد قبل جناية الثاني برئ الأول من القود والدية بتصديقه ، ولم يقبل قوله على الثاني ، وصارت عينه هدراً لأنه قد استأنف بتصديق الأول دعوى على الثاني ، وشهادة للأول فلم تقبل دعواه على الثاني ، ولم يستمع شهادته للأول لما فيها من اجتلاب النفع ، ولو لم يجن عليه ثان ولكن مات قبل انقضاء السنة كان الجاني مأخوذا بالقود والدية ، لأنه أذهب بصراً لم يعد ، وفي سن من لم يثغر إذا قلعت فقد عودها إلى مدة مات قبلها قولان :
أحدهما : لا يجب فيه الدية ، لأن الظاهر عودها في المدة لو عاش إليها ، فعلى هذا القول اختلف أصحابنا في تخريجه في العين على وجهين :
أحدهما : يجيء تخريج قول ثان في العين أنه لا يلزمه القود ولا الدية وتلزمه حكومة كموته في مدة السن .
والوجه الثاني : لا يجيء تخريج هذا القول في العين وإن خرج في السن ، لما قدمنا من الفرق بين السن والعين ، فلو اختلف الجاني ووليه بعد موته .
فقال الجاني : عاد بصره قبل الموت .
وقال الولي : لم يعد .