پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص249

قضى على رجل رمى رجلاً بخنجر في رأسه فأذهب عقله وسمعه ولسانه وذكره بأربع ديات ، ولأن ما اختلف محله لا يتداخل فيما دون النفس كالأطراف ، ولأن العقل عرض يختص بمحل مخصوص فلم يتداخل فيه أرش الجنايات كالسمع والبصر .

( مسألة )

قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ وفي العينين الدية ‘ .

قال الماوردي : وهذا صحيح لرواية علي عن النبي ( ص ) قال : ‘ في العينين الدية ‘ ولأنهما من أعظم الجوارح نفعاً وأجل الجوار قدراً ، فكانا بإيجاب الدية أحق ، وسواء في ذلك الصغيرة والكبيرة ، والحادة والكليلة ، والصحيحة والعليلة ، والعمشاء والعشواء ، والحولاء ، إذا كان الباطن سليماً ، كما لا تختلف ديات الأطراف مع اختلاف أوصافهما ، وفي إحدى العينين نصف الدية ، لرواية عمرو بن حزم أن النبي ( ص ) قال في كتابه إلى أهل اليمن ‘ وفي العينين خمسون من الإبل ‘ قال الشافعي : ‘ أراد العين الواحدة ‘ .

وروى معاذ بن جبل أن النبي ( ص ) قال : ‘ وفي إحدى العينين نصف الدية ‘ ولأن كل دية وجبت في عضوين وجب نصفها في أحد العضوين كاليدين والرجلين ، ولا فضل ليمنى على يسرى ، ولا لصحيحة على مريضة .

( مسألة )

قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ وفي ذهاب بصرهما الدية ‘ .

قال الماوردي : وهذا صحيح ، إذا جنى على عينيه فأذهب بصرهما مع بقاء الحدقة وجبت عليه الدية ، لرواية معاذ أن النبي ( ص ) قال : ‘ وفي البصر الدية ‘ ولان منفعة العين بناظرها كما قال الشاعر :

( وما انتفاع أخي الدنيا بمقلته
إذا استوت عنده الأنوار والظلم )

وإذا سلبها منفعتها كملت عليه ديتها كالشلل في اليدين والرجلين ، فإن عاد بعد ذهاب البصر فقلع العين فعليه حكومة ، كما لو أشل يده فغرم ديتها ثم عاد بعد الشلل فقطعها لزمه حكومتها ، ولو قطعها ابتداء لم تلزمه إلا ديتها ، وقد قدمنا الفرق بين قطع الأذنين فيذهب بما السمع فتلزمه ديتان ، وبين قلع العينين فيذهب بهما البصر فيلزمه دية واحدة بأن محل السمع في غير الأذنين فلم تسقط إحداهما بالأخرى ، ومحل البصر في العين ، ويلحق بالأذنين ذهاب الشم بجذع الأنف فتلزمه ديتان ، ويلحق بالعين ذهاب الكلام بقطع اللسان فتلزمه دية واحدة .

( فصل )

فإذا ثبت أن في ذهاب البصر الدية نظر : فإن محق ذهاب البصر كان المحق من شواهد ذهابه الذي يقطع التنازع فيه ، كما لو استأصل عينه ففقأها ، وهو ما