پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص246

( فصل )

ولو ادعى المجني عليه وقراً في إحدى أذنيه ذهب به بعض سمعها اعتبر ما ذهب من قدر سمعها تصم ذات الجناية وسدها وإطلاق السليمة ، وإن ينادى من بعد فإذا سمع الصوت بعد المنادي حتى ينتهي إلى أقصر غاية يسمع صوته فيها ، ثم صمت السميعة وفتحت ذات الجناية ، ونودي من ذلك المكان بمثل ذلك الصوت ، فإن سمعه كان سمعهما باقياً بحاله ، وإن لم يسمعه قرب المنادي منه حتى ينتهي إلى حيث يسمع صوته ، ويعتبر ما بين المسافتين بعد أن يفعل ذلك دفعاً يزول معها التصنع ويتفق فيها النداء ، فإن اختلف عمل على أقل الوجوب ، فإن كان بين مسافتي السميعة وذات الوقر النصف كان عليه ربع الدية ، لأنه قد أذهب ربع سمعه ، وإن كان الثلث كان عليه سدس الدية .

( فصل )

فإن ادعى المجني عليه وقراً في أذنيه معاً ذهب به بعض سمعه منها ، فإن كان يعلم مدى سماعه قبل وقت الجناية ، اعتبر مدى سماعه بعد الجناية ، واستحق من دية السمع بقدر ما بين المسافتين من ربع أو ثلث أو نصف وإن لم يعلم مدى سماعه في حال الصحة فلا سبيل إلى تحقيق المستحق من الدية ويعطى في الذاهب منه حكومة يقدرها الحاكم باجتهاده .

فلو قال المجني عليه : أنا أعرف قدر ما ذهب من سمعي ، وهو النصف ، أحلف على دعواه وحكم بقوله ، لأنه لا يوصل إلى معرفته إلا من جهته فقبل قوله فيه مع يمينه ، كما يقبل قول المرأة في حيضها .

ولو ادعى الجاني عود السمع بعد ذهابه وأنكر المجني عليه عوده كان القول قوله مع يمينه ، وهو على حقه من الدية ، فإن مات قبل اليمين فلا يمين له على الورثة إن لم يدع علمهم ، وإن ادعاه أحلفهم بالله ما يعلمون سمع بعد ذهاب سمعه .

( فصل )

وإذا قطع أذنيه فذهب بقطعهما سمعه لزمته ديتان :

إحداهما : في الأذنين .

والأخرى : في السمع ، لأنها جناية على محلين فصارت كالجناية على عضوين ، وخالف قلع العين إذا ذهب ضؤها فلم تلزمه إلا دية واحدة ، لأن محل الضوء في العين ، ومحل السمع في غير الأذن ، ولذلك كملت الدية في أذن الأصم والله أعلم .

( مسألة )

قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ وفي ذهاب العقل الدية ‘ .

قال الماوردي : إذا جنى عليه فأذهب عقله ضمنه بالدية دون القود ، وإنما سقط القود فيه لأمرين :

أحدهما : اختلاف الناس في محله ، فمن طائفة تقول محله الدماغ .