پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص245

له أمارات تدل عليه يعلم بها وجوده من عدمه ، فإذا ادعى المجني عليه ذهاب سمعه فللجاني حالتان : تصديق ، وتكذيب .

فإن صدقه على ذهاب سمعه لم يحتج إلى الاستظهار بالأمارات ، وسأل عنه عدول الطب هل يجوز أن يعود أم لا ؟ فإن نفوا عوده حكم له بالدية دون القصاص لتعذر استيفائه وإن جوزوا عوده إلى مدة قدروها وجب الانتظار بالدية إلى انقضاء تلك المدة ، فإن عاد السمع فيها سقطت الدية ، وإن لم يعد حتى انقضت استقر بها ذهاب السمع ، واستحق بها دفع الدية ، وإن كذب الجاني على ذهاب السمع اعتبر صدق المجني عليه ، لتعذر البينة فيه بالأمارات الدالة عليه ، وذلك بأن يتغفل ثم يصاح به بأزعج صوت وأهوله يتضمن إنذار أو تحذير ، فإن أزعج به والتفت لأجله ، أو أجاب عنه دل على بقاء سمعه ، فصار الظاهر مع الجاني ، فيكون القول فيه قول الجاني مع يمينه بالله أن سمعه لباق ما ذهب من جنايته ، ولو اقتصر في يمينه على انه باقي السمع أجزأ ، ولو اقتصر على أن سمعه ما ذهب بجنايته ، لم يجزه ، لأن الحلف على ذهاب السمع وبقائه لا ذهابه بجناية غيره ، وإنما حلف الجاني مع ظهور الأمارة في جنيته لجواز أن يكون إزعاج المجني عليه بالصوت بالاتفاق ، وإن كان المجني عليه عند سماع الأصوات المزعجة في أوقات غفلاته غير منزعج بها دل ذلك على ذهاب سمعه ، فصار الظاهر معه ، فيكون القول قوله مع يمينه في ذهاب سمعه من جنايته ، فإن لم يقل من جنايته لم يحكم له بالدية لجواز ذهابه بغير جنايته ، ولزمه اليمين مع وجود الأمارات في جنيته لجواز أن يتصنع لها بذهابه وجلده ، ولا يقتصر بهذه الأصوات المزعجة على مرة واحدة لجواز التصنع ، ويكون ذلك من جهات وفي أوقات الخلوات حتى يتحقق زوال السمع بها ، فإن الطمع يظهر منها فيزول معه التصنع .

( فصل )

وإذا ادعى المجني عليه صمم إحدى أذنيه سدت سميعته بما يمنع وصول الصوت فيها ، وأطلقت ذات الجناية ، وأزعج في غفلاته بالأصوات الهائلة ، فإن انزعج بها كان سمعه باقياً بظاهر الأمارة ، فيكون القول في بقائه قول الجاني مع يمينه ، [ فإن لم ينزعج بها كان سمعها ذاهباً بظاهر الأمارة ، فيكون القول في ذهابه قول المجني عليه مع يمينه ] ويكون على الجاني نصف الدية ، لأنه قد أذهب بضمها نصف منفعة ، فإن قيل : فقد تسمع الأخرى ما كان يدركه بها .

قيل : لا يمنع ذلك من الاستحقاق للدية وإن كان الإدراك باقياً ، كما لو أذهب ضوء إحدى عينيه لزمه ديتها وإن كان يدرك بالباقية ما كان يدركه بهما .