الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص240
والقسم الثاني : ما لا يجب فيه القصاص ولا تتقدر فيه الدية ، وهو ما دون الموضحة أو فوقها ودون الجائفة .
والقسم الثالث : ما يجب فيه القصاص ولا يتقدر فيه الدية وهو الموضحة ، يجب فيها القصاص في البدن كالرأس ، ولا تتقدر فيها الدية ، وإن تقدرت في الرأس ويجب فيها حكومة .
والفرق فيها بين الرأس والجسد من ثلاثة أوجه :
أحدها : أن الرأس لاشتماله على حواس السمع والبصر والشم والذوق .
والثاني : أن الجناية عليه أخوف .
والثالث : أن شينها فيه أقبح .
والقسم الرابع : ما تتقدر فيه الدية ولا يجب فيه القصاص وهو الجائفة ، والجائفة وصول الجرح إلى الجوف من بطن أو ظهر أو ثغرة نحر تخرق به غطاء الجوف حتى يصل إليه سواء كان بحديد أو بغيره من المحدد ، وفيها ثلث الدية ، صغرت أو كبرت ، لرواية عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي ( ص ) [ قال : ‘ في الجائفة ثلث الدية وفي المأمومة ثلث الدية ‘ .
وروى عمرو بن حزم أن النبي ( ص ) ] كتب إلى أهل اليمن ‘ وفي الجائفة ثلث الدية ‘ ولأنها واصلة إلى غاية مخوفة فأشبهت المأمومة ، ولا قصاص فيها ، لتعذر المماثلة بنفوذ الحديد إلى ما لا يرى انتهاؤه ، فإن أجافه حتى لذع الحديد كبده أو طحاله لزمت ثلث الدية في الجائفة وحكومة في لذع الحديد الكبد والطحال .
ولو أجافه فكسر أحد أضلاعه لزمه دية الجائفة ، وتكون حكومة الضلع معتبرة بنفوذ الجائفة ، فإن نفذت من غير ضلع لزمه حكومة الضلع ، وإن لم تنفذ إلا بكسر الضلع دخلت حكومته في دية الجائفة ، وإذا أشرط بطنه بسكين ثم أجافه في آخر الشرطة كان عليه في الجائفة ديتها وفي الشرطة حكومتها ، لأن الشرطة في غير محل الجائفة متميزة عنها فتميزت بحكمها كما قلنا إذا أوضح مؤخر رأسه وأعلى قفاه ، ولو جرحه بخنجر له طرفان فأجافه في موضعين وبينهما حاجز كانت جائفتين وعليه ثلثا الدية ، فإن خرقه الجاني أو تآكل صارت جائفة واحدة ، ولو خرقه أجنبي كانت ثلاث جوائف ، ولو خرقه المجروح كانت جائفتين كما قلنا في الموضحتين .