الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص239
منه لكان اجتهاد الصحابة رضي الله عنهم فيه أمضى وتقديرهم له ألزم ، وقد روى سعيد ابن المسيب عن عمر وعثمان أنهما قضيا في الملطاة والسمحاق بنصف ما في الموضحة .
والوجه الثالث : حكاه أبو إسحاق المروزي وأبو علي بن أبي هريرة عن الشافعي أن يعتبر قدر ما انتهت إليه في اللحم من مقدار ما بلغته الموضحة حتى وصلت إلى العظم إذا أمكن ، فإذا عرف مقداره من ربع أو ثلث أو نصف كان فيه بقدر ذلك من دية الموضحة ، فإن علم أنه النصف وشك في الزيادة اعتبر شكه بتقويم الحكومة ، فإن زاد على النصف وبلغ الثلثين زال حكم الشك في الزيادة بإثباتها وحكم بها ، ولزم ثلثا دية الموضحة ، وإن بلغت النصف زال حكم الشك في الزيادة بإسقاطها وحكم بنصف الدية ، وإن نقصت عن النصف بطل حكم النقصان والزيادة وثبت حكم النصف ، فإن لم يعلم مقدار ذلك من الموضحة عدل حينئذ إلى الحكومة التي يتقدر الأرش فيها بالتقويم على ما سنذكره ، ولهذا الوجه وجه إن لم يدفعه أصل وذلك أن مقدار الحكومة معتبر بشيئين : الضرر والشين ، وهما لا يتقدران بمقدار المور في اللحم .
وحكي عن الشعبي أنه قال : ليس فيما دون الموضحة أرش ، وليس على الجاني إلا أجرة الطبيب لعدم النص فيه ، وهذا فاسد من وجهين :
أحدهما : أن المنصوص عليه أصل للمسكوت عنه .
والثاني : أنه قد أوجب أجرة الطبيب ولم يرد بها شرع ، وأسقط أرش الدم وقد ورد به شرع ، والله أعلم بالصواب .
قال الماوردي : وإذ قد مضى الكلام في شجاج الرأس والوجه فسنذكر ما عداه من جراح البدن وينقسم أربعة أقسام :
أحدها : ما يجب فيه القصاص وتتقدر فيه الدية وهو الأطراف .