پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص228

وإذا صح هذان الحديثان فالذهب والورق أصلان مقدران كالإبل ، ولأن ما استحق في الدية أصلا مقدراً كالإبل .

ووجه قوله في الجديد ما رواه سليمان بن موسى عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي ( ص ) كان يقوم دية الخطإ على أهل القرى أربعمائة دينار أو عدلها من الورق ويقومها على أثمان الإبل ، فإذا قلت الإبل رفع في قيمتها ، وإذا هانت برخص . . . منها نقص فبلغت الدية على عهد رسول الله ( ص ) [ ما بين أربعمائة دينار إلى ثمانمائة دينار ] أو عدلها . . . ‘ .

وروي أن أبا بكر رضي الله عنه قوم لما كثر المال وغلت الإبل مائة من الإبل من ستمائة دينار إلى ثمانمائة دينار ، حكاه أبو إسحاق في ‘ شرحه ‘ .

وروى سفيان بن الحسين عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ، قال : كانت قيمة الدية على عهد رسول الله ( ص ) ثمانمائة دينار ، وكانت كذلك حتى استخلف عمر فغلت الإبل ، فصعد المنبر فخطب وقال : ألا إن الإبل قد غلت فقضى يعني في الدية على أهل الذهب بألف دينار ، وعلى أهل الورق أثنى عشر ألف درهم .

لأن الإبل إذا كانت هي المستحقة وجب أن يكون العدول عنها عند إعوازها إلى قيمتها اعتبارا بسائر الحقوق وبالحرية المقدرة بالذهب إذا عدل عنه رجع إلى قيمته فهذا توجيه القولين .

( فصل )

مع أبي حنيفة لا يعدل عن إبل الدية إذا وجدت ، وخير أبو حنيفة بين الإبل وبين الدراهم والدنانير استدلالا بأن رسول الله ( ص ) قضى بجميعها فدل على التخيير فيها ولأن العاقلة تتحملها مواساة مكان التخيير فيها أرفق ككفارة اليمين ، ولأن الدراهم والدنانير أصول الأموال فلم يجز أن تجعل فرعاً للإبل .

ودليلنا قول رسول الله ( ص ) ‘ ألا إن في قتيل العمد الخطإ بالسوط والعصا مائة من الإبل مغلظة منها أربعون خلفة في بطونها أولادها ‘ فاقتضى أن تكون الإبل أصلا لا يعدل عنها إلا بعد العدم .

وروي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ أكرموا الإبل فإن فيها رقوء الدم ‘ فخصها بهذه الصفة ، لأنها تبذل في الدية فيعفى بها عن القود فدل على اختصاصها بالحكم .