الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص225
فأما الجواب عن حديثهم مع ضعف الحجاج بن أرطأة وأن خشف بن مالك مجهول لم يرو عنه إلا زيد بن جبير فهو أن ما رويناه عنه من خلافه وأنه وافق فيه الجماعة من إبدال بني اللبون مكان بني المخاض أولى .
وأما قياسهم على الجذاع والحقاق فالمعنى فيه : أنه مال أقيم في الزكاة الذكر منها مقام سن دونها فلذلك لم تجب في الدية ، وبنو اللبون بخلافها . وأما قولهم : إنها موضوعة على التخفيف ، فإذا تخففت من وجه لم يجب تخفيفها من كل وجه ، لأننا نوجب فيها مع التخفيف ما نوجبه في المغلظة من الجذاع والحقاق والله أعلم .
قال الماوردي : قد مضى الكلام في مقادير الدية من الإبل وأسنانها في العمد والخطإ ونقلها نصاً ، فأما أنواعها فلم يرد فيه نص ، لأنها موكولة إلى العرف اعتباراً بنظائرها في الشرع ، فتؤخذ الدية من إبل العاقلة في الخطأ وإبل القاتل في العمد ، فإن كانت إبله عراباً أخذت عراباً ، وإن كانت بخاتي أخذت بختاً ، وإن كانت عراباً مهرية أخذت مهرية ، وإن كانت محتدبة أخذت محتدبة ، تؤخذ من جنس ماله ونوعه كالزكاة وسواء كانت إبله خير الأنواع أو أدونها ، فإن عدل عن إبله إلى ما هو أعلى قبل منه ، وإن عدل إلى ما هو أدون لم يقبل كالزكاة ، وإن طولب بما هو أعلى لم يجب عليه ، وإن طولب بما هو أدون كان مخيراً فيه ، فإن لم يكن له إبل كلف الغالب من إبل البلد ، فإن لم تكن لبلده إبل كلف الأغلب من إبل أقرب البلاد إليه كما قيل في زكاة الفطر ، والله أعلم .
قال الماوردي : واختلاف إبل العاقلة على ضربين :
أحدهما : أن يكون لكل واحد منهم نوع من الإبل ، فيؤخذ من كل واحد منهم من النوع الذي في ملكه ولا يكلف أحدهم إبل غيره ، كما لو كانت إبل جميعهم نوعاً واحداً .
والضرب الثاني : أن تكون إبل الواحد منهم مختلفة الأنواع ، فإن أراد أن يعطى من كل نوع منها جاز ، وإن أراد أن يعطى من أحد أنواعها ، فإن كان هو الأغلب من