پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص221

وقوله : ‘ القاتل في الحرم ‘ : يعني قوداً وقصاصاً ، لأن ابتداء القاتل داخل في قوله : ‘ القاتل غير قاتله ‘ ولأن حرمة الحرم منتشرة عن حرمة الكعبة فلما لم يجز قتله في الكعبة لم يجز قتله فيما انتشرت حرمتها إليه من جميع الحرم ، ولأن حرمة الآدميين أغلظ من حرمة الصيد ، فلما حرم قتل الصيد إذا ألجأ إلى الحرم كان قتل الآدمي أشد تحريماً .

ودليلنا عموم الظواهر من الكتاب والسنة في القصاص وإن لم يقترن بها تخصيص الحل من الحرم ، ولأن كل قصاص جاز استيفاؤه في الحل جاز استيفاؤه في الحرم كالقاتل في الحرم ولأن كل قصاص استوفى من جانبه في الحرم استوفى منه إذا لجأ إلى الحرم كالأطراف ، لأن أبا حنيفة وافق عليها ، ولأن كل موضع كان محلاً للقصاص إذا جنى فيه كان محلا له وإن جنى في غيره كالحل ، ولأن النص وارد بتحريم الهجرة وإباحة البيع قال الله تعالى : ( وأحل الله البيع وحرم الربا ) [ البقرة : 275 ] وقال رسول الله ( ص ) : ‘ لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ‘ فأمر أبو حنيفة بهجره وهو محظور ، ومنع من بيعه وهو مباح ، وأخر الاقتصاص منه وهو واجب ، فصار في الكل مخالفاً للنص .

فأما الجواب عن قوله تعالى : ( ومن دخله كان آمناً ) [ آل عمران : 96 ] فهو أنه محمول على البيت لقوله تعالى : ( إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركاً [ آل عمران : 96 ] .

فإن قيل : فالمراد به الحرم ، لأنه قال : ( فيه آيات بينات مقام إبراهيم ) [ آل عمران : 96 ] ومقامه خارج البيت لا فيه فعنه جوابان :

أحدهما : أن مقام إبراهيم حجر منقول لا يستقر مكانه ، فيجوز أن يكون في وقت وضع الحجر في البيت ثم أخرج منه .

والثاني : أنه محمول على أنه في مقام إبراهيم آيات بينات .

وأما قوله تعالى : ( أولم يروا أنا جعلنا حرماً آمنا ) [ العنكبوت : 67 ] فهو دليلنا لأن مقتضى الأمن أن لا يؤخر فيه الحقوق ويعجل استيفاؤها لأهلها ، وإذا أخرت صارت مضاعة فخرج الحرم عن أن يكون آمنا .

وأما الجواب عن الخبر وقوله ‘ القاتل في الحرم ‘ فمحمول على ابتداء القتل ظلماً بغير حق دون القصاص لأمرين :

أحدهما : أن لقتل القصاص أسماء هو أخص إطلاقه على غيره .

والثاني : أنه جعله من أعتى الناس وليس المقتص من أعتى الناس ، لأنه مستوف