الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص211
ويأخذ شبهاً من الخطأ لعدم قصده للقتل فسمي عمد الخطأ لوجود صفة العمد في الفعل وصفة الخطأ في عدم القصد ، فصار العمد ما كان عامداً في فعله وقصده ، والخطأ ما كان مخطئاً في فعله وقصده ، وعمد الخطأ ما كان عامداً في فعله خاطئاً في قصده ، ووافق أبو حنيفة على عمد الخطإ ، وخالف فيه مالك : وقال : لا أعرف عمد الخطإ وليس القتل إلا عمداً أو خطأ ، وليس بينهما ثالث ، كما قال : لا أعرف الخنثى وما هو إلا ذكر أو أنثى استدلالاً باستحالة اجتماع الضدين في حالة ، لأن الخطأ ضد العمد فاستحال أن يجتمعا ، كما استحال أن يكون قائماً قاعداً ، ومتحركاً ساكناً ، ونائماً مستيقظاً ، قال : ولذلك ذكر الله تعالى في كتابه حكم العمد المحض وحكم الخطأ المحض ولم يذكر حكم عمد الخطإ لاستحالته .
ودليلنا السنة المعمول بها ، ثم الإجماع المنعقد بعدها ثم الاعتبار الموجب لمقتضاها .
فأما السنة فما قدمه المزني ورواه الشافعي عن سفيان بن عيينة عن علي بن زيد ابن جدعان عن القاسم بن ربيعة عن ابن عمر أن رسول الله ( ص ) قال : ألا إن في قتيل العمد الخطإ بالسوط والعصا مائة من الإبل مغلظة ، منها أربعون خلفة في بطونها أولادها ‘ فدل على مالك من ثلاثة أوجه :
أحدها : وصفه بالعمد الخطأ ، ومالك ينكرها .
والثاني : إيجاب الدية فيه ، ومالك يوجب القود .
والثالث : أنه قدر الدية بمائة من الإبل ، ومالك يوجب ما تراضيا به كالأثمان . فإن قيل : فهذا الحديث لا يصح الاحتجاج به من وجهين :
أحدهما : أن علي بن زيد بن جدعان ضعيف لا يؤخذ بحديثه .
والثاني : أن القاسم بن ربيعة لم يلق ابن عمر فكان الحديث منقطعاً .
قيل أما الوجه الأول في ضعف علي بن زيد فغير مسلم بل هو ثقة قد نقل عنه سفيان وغيره .
وأما الوجه الثاني في انقطاعه فليس يمتنع أن يكون القاسم بن ربيعة قد لقي ابن عمر ، وعلى انه قد روي من طريق أبي داود عن القاسم بن ربيعة عن عقبة بن أوس