الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص206
والقسم الثاني : أن يجعلها للقاتل فيقول : قد وصيت بها وبما يحدث منها للجاني فإن ردت الوصية للقاتل وجبت الدية على العاقلة لورثة المقتول ، فإن أجيزت الوصية للقاتل فإن له استيفاءها من عاقلته ، لأنها وصية له بما عليهم ، سواء قيل بوجوبها عليهم تحملاً أو ابتداء ، لأنهم تحملوها ساعة وجوبها عليه من غير مهلة فصارت الوصية بها بعد استحقاقها عليهم .
والقسم الثالث : أن يجعل الوصية بها مطلقة فيقول قد وصيت بها وما يحدث منها ، ولا يسمى الموصي له بها ، فهذه وصية باطلة ، لأنها لغير مسمى ، وللورثة استيفاؤها من العاقلة .
أحدها : أن يتوجه إلى الجاني فيقول : قد عفوت عنك وعما يحدث بجنايتك ، فإن قيل : إن الدية وجبت ابتداء على العاقلة لم يبرأوا منها ، وكانوا مأخوذين بها ، لأن العفو عن غيرهم ، وإن قيل : إنها وجبت في الابتداء على الجاني ثم تحملها العاقلة عنه صح العفو عنها وبرأت العاقلة منها لتوجه العفو إلى محل الوجوب ، سواء جعل هذا العفو في حكم الوصايا أو الإبراء ، وسواء أجيزت الوصية للقاتل أو ردت ، لأن وجوب الدية على الجاني غير مستقر لانتقالها في الحال عنه إلى عاقلته فلم يكن في الوصية بها ما يمنع القتل منها إذا لم ينتقل إليه مالها ، لكن إن أجرى عليه حكم الوصية كان عفوا عن جميع الدية ، وإن أجرى عليه حكم الإبراء أو الإسقاط كان عفوا عما وجب بابتداء الجناية دون ما حدث بعدها بالسراية فيلزم العاقلة ما حدث بالسراية دون ما لزم بابتداء الجناية .
والقسم الثاني : أن يتوجه العفو إلى العاقلة فيقول : قد عفوت عن عاقلتك في جنايتك وما يحدث منها فيصح العفو عنهم ، سواء قيل بوجوبها عليهم ابتداء أو تحملاً ، لأنهم محل استقرارها ، ولا مطالبة على الجاني بها ، لانتقالها عنه إلى من برئ منها ، لكن إن أجرى على العفو حكم الوصية كان عفواً عن جميع الدية ، وإن أجرى عليه حكم الإبراء كان عفواً عما وجب بابتداء الجناية ، وتؤخذ العاقلة بما حدث بالسراية .