الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص205
وهذه المسألة الثانية التي أوردها المزني لحجاجه وهو أن تكون الجناية خطأ فيعفو عنها المجني عليه ثم تسري إلى نفسه فيموت منها فلا يخلو ثبوت هذه الجناية من أحد أمرين إما بأن تكون بإقرار أو بينة فإن أقر بها الجاني وعدمت فيها البينة لزمت بإقراره كما يلزم جناية العمد .
وقال مالك : لا يلزم إقراره بجناية الخطأ وإن لزم بجناية العمد ، لأن دية الخطأ على العاقلة فصار مقراً بها على غيره فبطل إقراره وهذا فاسد ، لقول النبي ( ص ) ‘ لا تحمل العاقلة عبداً ولا عمداً ولا صلحاً ولا اعترافاً ‘ فأثبت للاعتراف حكما ونفاه عن العاقلة فدل على لزومه ، ولأن للقتل الخطأ حكمين الكفارة والدية ، لقول الله تعالى : ( فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله ) [ النساء : 92 ] فإذا وجبت الكفارة بإقراره وجبت به الدية ، ولأن ما وجب بالبينة وجب بالإقرار كالدين ، وإذا لزم [ إقراره بها وجبت الدية عليه دون عاقلته إذا لم ] يصدقوه لتوجه التهمة إليه ، ولذلك أسقطها رسول الله ( ص ) عنهم ، وإذا لزمته الدية وقد صار قاتلاً جرى على العفو عنها حكم العفو عن دية العمد في إبطاله إن ردت الوصية للقاتل وجوازه إن أمضيت .
أحدهما : وجبت عليهم ابتداء من غير أن يتوجه وجوبها على الجاني .
والقول الثاني : أنها وجبت على الجاني ثم تحملتها العاقلة عنه ، وعاقلته عصبته ، فإن عدموا فجميع المسلمين في بيت مالهم ، لأن دين الحق قد عقد الموالاة بينهم فصار المسلم لا يعدم عصبة ، وإذا كان كذلك لم يخل مخرج عفوه من أن يكون وصية أو إبراء فإن كان وصية على ما ذكرنا فلا يخلو حالها من ثلاثة أقسام :
أحدها : أن يجعلها للعاقلة فيقول : قد وصيت بها وبما يحدث منها لعاقلته فتصح هذه الوصية في ثلثه إذا احتملها ، وتبرأ العاقلة منها ، سواء أجيزت الوصية للقاتل أو ردت ، لأن العاقلة غير قتلة .