پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص203

عموم جوازها لغير الوارث ، ولأن الكفر يمنع من الميراث ولا يمنع من الوصية ، كذلك القتل .

فإن قيل بالقول الأول : وهو أن الوصية للقاتل باطلة لزمته الدية كلها ولم يبرأ منها بالعفو عنها ، وسواء ما وجبت بالجناية قبل العفو وما حدث بعده بالسراية ، لأن سراية جنايته إلى النفس قد جعلته قاتلاً .

فإن قيل : فإذا أبطلتم الوصية للقاتل وأسقطتم عفوه عن الدية فهلا بطل العفو عن القود ، لأنه وصية لقاتل كما أبطلتم عفوه عن الدية أو أخرتم عفوه عن الدية كما أخرتم عفوه عن القود ؟ قيل : لأنه الدية مال والقود ليس بمال لأمرين :

أحدهما : أنه لو وصى لرجل بثلث ماله كان الموصي له شريكاً في الدية ولم يكن شريكاً في القود .

والثاني : أنه لو وصى لرجل بالدية صح ، ولو وصى له بالقود لم يصح فلذلك صح العفو عن القود ولم يصح عن الدية ، فهذا حكم عفوه على القول الذي ترد فيه الوصية للقاتل .

وإن قيل بجواز الوصية للقاتل اعتبر حال عفوه ، فإن خرج مخرج الوصية فقال : قد وصيت له بها وبما يحدث عنها من قود وعقل صح عفوه عن جميع الدية ما وجب منها قبل العفو من دية الإصبع وما حدث بعده من دية النفس وإن لم تكن قد وجبت عند العفو ، لأن الوصايا تصح بما وجب وبما سيجب ، وبما ملك وبما سيملك ، [ وإذا صار ذلك وصية كانت الدية معتبرة من الثلث ] كسائر الوصايا ، فإن احتملها الثلث صح جميعها فيبرئ الجاني من الدية كلها ، وإن لم يحتملها الثلث أمضى منها قدر ما احتمله الثلث ورد فيما عجز إلا أن يجيزه الورثة ، وإن لم يخرجه مخرج الوصية وجعله عفواً أو إبراء محضاً فقد اختلف قول الشافعي في عفوه وإبرائه هل يجري مجرى الوصية أم لا ؟ على قولين :

أحدهما : يجري مجرى الوصية لاعتباره من الثلث ، فعلى هذا يكون على ما مضى من صحة جميعه إذا احتمله الثلث .

والقول الثاني : أنه لا يصير وصية وإن اعتبر من الثلث ، لأن الوصية عطية وهو العفو ، والإبراء هو ترك وإسقاط ، فخرج عن عطايا الوصايا ، فعلى هذا يبرأ الجاني فيما وجب قبل العفو وهو دية الإصبع ولا يبرأ فيما وجب بعده من دية النفس ، لأنه إبراء