الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص202
من المعاني الثلاثة ، فيلزمه تسعة أعشار الدية ، لأن دية الإصبع عشرها إلا أن يمنع من الوصية للقاتل على ما سنذكره فيلزمه جميعها .
قال الماوردي : وهذه المسألة تخالف ما تقدمها في ‘ صفة العفو ‘ وإن وافقتها في الصورة ، وهو أن يقول المجني عليه وقد قطعت إصبعه عمداً : قد عفوت عنها وعما يحدث عنها من قود وعقل ، وكان عفوه في المسألة الأولى مقصوراً على العفو عنها دون ما حث منها فينقسم حال الجناية على ما قدمناه من الأقسام الثلاثة :
أحدها : أن تندمل ، فيكون على ما مضى من صحة عفوه عن القود في الأصبع وعن ديتها .
والقسم الثاني : أن تسرى الجناية إلى ما دون النفس كسرايتها إلى الكف فيسقط القود فيها بالعفو عنه ، ويبرأ من دية الإصبع لعفوه عنه ويؤخذ بدية الباقي من أصابع الكف وهي أربع ذهبت بالسراية مع الكف وذلك أربعون من الإبل ، ولا يبرأ منه بالعفو عنه ، لأنه إبراء مما لم يجب ، والإبراء من الحقوق قبل وجوبها باطل مردود .
والقسم الثالث : وهو مسألة الكتاب : أن تسري الجناية إلى النفس فيموت منهما وقد عفا عنها وعما يحدث منها من قود فيسقط القود عنه في النفس والإصبع بالعفو عنه ، وأما الدية فقد صار هذا الجاني قاتلاً والعفو عنه من عطايا المريض المعتبرة من الثلث كالوصايا ، وقد اختلف قول الشافعي في الوصية للقاتل على قولين :
أحدهما : باطلة كالميراث ، لقول النبي ( ص ) ‘ ليس لقاتل شيء ‘ فعم الميراث والوصية ، ولأن الميراث أقوى واثبت من الوصية لدخوله في ملك الوارث بغير قبول ولا اختيار ووقوف الوصية على القبول والاختيار ، فلما منع القتل من الميراث الذي هو أقوى كان بأن يمنع من الوصية التي هي أضعف أولى .
والقول الثاني : أن الوصية للقاتل جائزة وإن لم يرث لتخصيص النص بردها للوارث لقول النبي ( ص ) ‘ إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث ‘ فدل على