الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص201
ولم يستحقها المشتري وإن اندملت في ملكه فصار ذلك عفواً عما وجب له وإن لم يستحق قبضها ، وفيه انفصال عما احتج له .
وأما القسم الثاني : وهو أن يعفو عن القود فلا يكون ذلك عفواً عن الدية ويكون عفواً مقصوراً على القود وحده ، لأنه لما خصه بالذكر اختص بالحكم .
وأما القسم الثالث : وهو أن يعفو عما وجب بالجناية ولا يسمى قوداً ولا عقلاً فيكون ذلك عفوا عن القود ، وهل يكون عفواً عن الدية أم لا ؟ على قولين : بناء على اختلاف قوليه فيما توجبه جناية العمد .
فإن قيل : إنها توجب أحد الأمرين من القود أو العقل كان ذلك عفوا عن الدية كما كان عفواً عن القود لوجوب الدية بالجناية كوجوب القود بها .
وإن قيل : إنها توجب القود وحده [ على التعيين ] ولا تجب الدية إلا باختيار المجني عليه لم يصح عفوه عن الدية وإن صح عفوه عن القود ، لأن القود وجب والدية لم تجب ، فهذا حكم الجناية إذا اندملت .
وأما القسم الثاني : وهو أن تسري إلى ما دون النفس كسرايتها من الإصبع إلى الكف فلا قود في الكف لثلاثة معان :
أحدها : أن سقوط القود في أصل الجناية موجب لسقوطه فيما حدث عنها .
والثاني : أن السراية إلى الأطراف لا توجب القود وإن وجب بالسراية إلى النفس لما قدمناه من الفرق بينهما .
والثالث : أن أخذ الكف مع استيفاء الإصبع غير ممكن ، فأما دية ما ذهب بالسراية من الكف فواجب مستحق لا يسقط بالعفو عن دية الإصبع لثلاثة معان :
أحدها : أنه لم يتوجه إليه عفو .
والثاني : أنه لم يجب عند العفو ولم يتوجه إليه عفو .
والثالث : أن الدية لما تبعضت لم يسر العفو عن بعضها إلى جميعها ، والقود لما لم يتبعض سرى العفو عن بعضه إلى جميعه ، ويلزمه أربعة أعشار الدية أربعون من الإبل ، لأن في الإصبع المعفو عنها عشر الدية .
وأما القسم الثالث : وهو أن تسري جناية الإصبع إلى النفس فيموت منها فلا قود في النفس لمعنى واحد ، وهو أن سقوط القود في أصل الجناية يوجب سقوط فيما حدث عنها ، وعليه دية النفس إلا قدر دية الإصبع إذا صح العفو عن ديتها ، لما قدمناه