پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص200

( باب عفو المجني عليه ثم يموت وغير ذلك )
( مسألة )

قال الشافعي رحمه الله : ‘ ولو قال المجني عليه عمدا قد عفوت عن جنايته من قود وعقل ثم صح جاز فيما لزمه بالجناية ولم يجز فيما لزمه من الزيادة لأنها لم تكن وجبت حين عفا ‘ .

قال الماوردي : وهذا كما قال ، إذا كانت جناية العمد على طرف كإصبع فعفى المجني عليه عنها لم يخل حالها من ثلاثة أقسام :

أحدها : أن تندمل .

والثاني : أن تسري إلى ما دون النفس .

والثالث : أن تسري إلى النفس .

فأما القسم الأول : وهو أن تندمل الجناية ولا تسري فهو مسطور المسألة ، فإذا كانت على إصبع قطعها فاندملت لم يخل حال العفو عنها من ثلاثة أقسام :

أحدها : أن يعفو عما وجب بها من قود وعقل .

والثاني : أن يعفو عن القود وحده .

والثالث : أن يعفو عما وجب بها على الإطلاق .

فأما القسم الأول ، وهو أن يعفو عما وجب بها من قود وعقل فيصح عفوه عنهما جميعاً فلا يستحق بها قوداً ولا دية وهو قول أبي حنيفة وجمهور الفقهاء .

وقال المزني : ‘ يصح عفوه عن القود ولا يصح عفوه عن الدية ‘ لأن القود وجب قبل عفوه والدية لم تجب إلا بعد عفوه ، لأنه لو طلب القود قبل الاندمال استحقه ، ولو طلب الدية قبل الاندمال لم يستحقها ، والعفو عما وجب صحيح وعما لم يجب مردود ، وهذا فاسد ، لأن الدية مستحقة بالجناية وإنما يتأخر استيفاؤها إلى الاندمال كالديون المؤجلة بدليل أن عبداً لو جنى عليه فباعه سيده قبل اندمال جنايته ثم اندملت في يد مشتريه كان أرشها لبائعه دون مشتريه ، لأنه استحقها بالجناية الحادثة في ملكه