پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص199

قلنا : هما سواء ، لأن الختان وحلق الشعر حق على المقطوع منه كما أن القصاص حق على المقطوع منه ، غير أن الحق في الختان والحلق لله تعالى وفي القصاص للولي فكما التزم حق الله التزم حق الآدمي .

فأما الجواب عن استدلاله بأجرة الجذاذ والنقل فهو أن ذلك تصرف فيما قد استقر ملكه عليه فاختص بمؤنة تصرفه فيه ، وكذلك أجرة منتقد الثمن ، وليس كذلك القصاص ، لأنه إبقاء للحق ومؤونة الإبقاء مستحقة على الموفي كما قال تعالى : ( فأوف لنا الكيل وتصدق ) [ يوسف : 88 ] . ثم ثبت أن أجرة الكيال على الموفي دون المستوفي ، كذلك في القصاص وأما عامل الصدقات فهو نائب عن أهل السهمان في الاستيفاء لهم ، وليس بنائب عن أرباب الأموال في الإبقاء عنهم فكانت أجرته واجبة على من ناب عنه كأجرة الوكيل ، وخالف المقتص ، لأنه يقوم بالإبقاء دون الاستيفاء ، فصار بالكيال والوزان أشبه .

( فصل )

فإذا ثبت ما ذكرنا أن أجرة القصاص على المقتص منه دون المقتص له فقال المقتص منه : أنا أقتص لك من نفسي لتسقط عني أجرة القصاص لم يكن ذلك له لأمرين :

أحدهما : أن موجب المماثلة في القصاص يقتضي أن يؤخذ منه ما أخذه من غيره ، ولا يكون هو الآخذ لهما معاً .

والثاني : أنه حق عليه فلم يجز أن يكون هو المستوفي له كما لو أراد بائع الصبرة أن يكيلها بنفسه لم يكن له ذلك ، فلو قال السارق وقد وجب قطع يده أنا أقطع يد نفسي ولا التزم أجرة قاطعي ففيه وجهان :

أحدهما : لا يجوز كالقصاص .

والوجه الثاني : يجوز ، لأن قطع السرقة حق لله يقصد به النكال والزجر فجاز أن يقوم بحق الله تعالى عليه وخالف القصاص المستحق للآدمي وبالله التوفيق .