پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص196

( مسألة )

قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ ولو قال الجاني مات من قطع اليدين والرجلين وقال الولي مات من غيرهما فالقول قول الولي ‘ .

قال الماوردي : وصورتها في رجل قطع يدي رجل ورجليه ثم مات المجني عليه فلا يخلو موته من خمسة أحوال :

أحدها : أن يموت بعد اندمال اليدين والرجلين فيكون الجاني قاطعاً وليس بقاتل فيلزمه إن عفا عن القصاص في يديه ورجليه ديتان إحداهما في اليدين ، والأخرى في الرجلين .

والحال الثانية : أن يموت قبل اندمالهما فيصير الجاني قاتلا يقتص من نفسه بعد الاقتصاص من اليدين والرجلين ، فإن عفا عن القصاص كانت عليه دية واحدة ، لأن ديات الأطراف تدخل في ديات النفس إذا سرت الجناية إليها .

والحال الثالثة : أن يموت بعد اندمال أحدهما وبقاء الأخرى ، كموته بعد اندمال يديه وبقاء رجليه ، فيصير الجاني قاتلا بسراية الرجلين قاطعاً باندمال اليدين وتلزمه ديتان إحداهما في النفس لسراية الرجلين إليهما والأخرى في اليدين لاستقرار ديتها باندمالهما ، لأنها تدخل في دية النفس ما لم تندمل ، ولا تدخل فيها إذا اندملت .

والحال الرابعة : أن يختلفا فيدعي الولي انه مات بعد اندمالهما فاستحق على الجاني ديتين ، وادعى الجاني انه مات قبل اندمالهما ليلتزم دية واحدة ، فالواجب مع هذا الاختلاف أن يعتبر الزمان الذي بين الجناية والموت ، فإن اتسع للاندمال كالشهر فما زاد فالقول قول الولي مع يمينه بالله لقد مات بعد اندمال الجناية ، لأنه قد استحق بابتداء الجناية ديتين ، وما ادعاه من الاندمال محتمل فلم تقبل دعوى الجاني في إسقاط أحدهما إلا أن يقيم بينة أن المقطوع لم يزل مريضاً حتى مات من الجناية فيحكم بها ، ولا يلزمه إلا دية واحدة ، وإن ضاق الزمان عن الاندمال كموته بعد يوم أو اسبوع فالقول قول الجاني ، لأن ما ادعاه الولي مخالف للظاهر ويحلف الجاني وإن كان الظاهر معه ، لجواز أن يموت المقطوع مخنوقاً أو مسموماً ، فإن ادعى الولي مع ضيق الزمان عن الاندمال أن المقطوع مات موجا بذبح أو سم أو خنق صار مع كل واحد منهما ظاهر يوجب العمل عليه ، فيكون على وجهين :

أحدهما : أن يكون القول قول الولي مع يمينه وهو الأظهر من مذهب الشافعي ، لأنه قد استحق في الظاهر بابتداء الجناية ديتين وما ادعاه من حدوث التوجية محتمل .

والوجه الثاني : أن القول قول الجاني مع يمينه ، لأن الظاهر موته من الجناية وما ادعاه الولي من حدوث التوجية غير معلوم فلم يقبل منه ، فعلى هذا لو اختلفا في اتساع