الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص191
أحدهما : أن يقلع رجل سن فيقتص من سن الجاني بسن المجني عليه ، ثم تعود سن الجاني فتنبت .
فإن قيل : إن السن العائدة في المثغور هي هبة مستجدة وليست حادثة عن الأولة ، فلا شيء على الجاني بعود سنه من قصاص ولا دية لاستيفاء القصاص منه ، وما حدث بعده هبة من الله تعالى له .
وإن قيل : إن السن العائدة في المثغور هي الحادثة عن الأولى ، ففي وجوب الاقتصاص منها ثانياً وجهان :
أحدهما : يقتص منها إذا عادت ثانية كما اقتص منها في الأولة ، وكذلك لو عادت ثالثة ورابعة ، لأنه قد أفقد المجني عليه سنة فوجب أن يقابل بما يفقد سنه .
والوجه الثاني : لا قصاص فيها لاستيفائه منها وأنه جنى دفعه واحدة فلم يجز أن يقتص منه أكثر من دفعه واحدة ، فعلى هذا هل تؤخذ منه ديتها أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : تؤخذ منه الدية لترك سنه عليه .
والوجه الثاني : لا يؤخذ بالدية كما لم يؤخذ بالقصاص ، لأن لا يجمع بين دية وقصاص .
والفرع الثاني : أن يقتص من سن الجاني بسن المجني عليه ، فتعود سن الجاني وتعود سن المجني عليه ، فلا قصاص هنا من الثانية ولا دية على القولين معا ، لأننا إن قلنا بأن العائدة هبة مستجدة فهي هبة في حق كل واحد منهما ، وإن قلنا إنها حادثة عن الأولى فقد عادت سن كل واحد منهما والله أعلم .
قال الماوردي : أما السن الزائدة فهي ما زادت على الاثنين والثلاثين سنا المعدودة التي عيناها من أسنان الفم ، وتنبت في غير نظام الأسنان ، إما خارجة أو داخلة ، وتسمى هذه الزيادة سناً ثانية ، قال الشاعر :
فإذا جنى عليها جان فقلعها لم يخل أن يكون للجاني مثلها أو لا يكون ، فإن لم يكن له مثلها فلا قود فيها ، لعدم ما يماثلها ، كما لو قطع نابه ولم يكن له ناب لم يؤخذ