پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص175

قطعها ، وعليه الأرش فيما سرت إليه الجناية من كف المجني عليه كأنها سرت إلى إصبع ثانية ، فيلزمه ديتها لذهابها بسراية جنايته ، ولا قود عليه فيها ، ويكون باقي الكف التي قطعها صاحبها هدراً لا يضمنها الجاني .

فإن قيل : إنما قطعها من الخوف الحادث عن جنايته فهلا كانت من ضمانه كالسراية .

قيل : تلف السراية حادث عن فعله فضمنه ، وتلف الخوف حادث عن فعل غيره فلم يضمنه .

والضرب الثاني : أن يسري قطع الكف إلى نفسه فيموت ، فيكون الموت حادثاً من سرايتين : قطع الجناية ، وقطع الاستصلاح ، فيصير الجاني أحد القاتلين ، وعند أبي حنيفة يكون الثاني قاتلاً دون الأول ، لأنه قطع محل الجناية فأزال سرايتها ، وهذا فاسد بما قدمناه من الدلالة عليه ، فإن الموت كان بسراية الألمين ، فلذلك صار الأول أحد القاتلين ، وإذا كان كذلك ففي قطع الجاني نصف الدية ، فأما القود في النفس فقد صار مشاركاً في النفس لمن لم يلزمه ضمانها فاختلف أصحابنا في وجوب القود عليه ، فكان أبو علي بن أبي هريرة يخرجه على قولين من شريك السبع ومن جارح نفسه بعد الجناية عليه :

أحدهما : عليه القود في النفس .

والقول الثاني : لا قود عليه ، وقد مضى توجيه القولين من قبل .

وقال أبو إسحاق المروزي : لا قود عليه قولاً واحداً وإن كان شريك السبع وشريك المجني عليه على قولين وفرق بينهما بأن النفس في شركة السبع والمجني عليه خرجت عن قصد التلف فصار جميعها عمداً محضاً فجاز أن يجب فيها القود ، وفي هذا الموضع خرجت عن قصد الاستصلاح دون التلف ، فإذا أفضى إلى التلف صار عمد الخطأ ولا قود على شريك الخاطئ وكذلك هاهنا .

( فصل )

فأما إذا قطع الجاني قطعة لحم من بدن المجني عليه فخاف المجني عليه سرايتها فقطع ما يليها فمات فينظر ، فإن قطع المجني عليه لحماً ميتاً فلا تأثير للقطعة ، لأن قطع الميت لا سراية له ، والجاني هو القاتل وحده ، والقود عليه في النفس واجب ، فإن عفا عنه فجميع الدية ، وإن قطع لحماً حياً فالموت من سرايتها والجاني أحد القاتلين بوفاق أبي حنيفة ، لأن محل الجناية عنده إذا كان باقيا حدثت السراية عنهما ، وإن أزاله الثاني كانت السراية عن الثاني ، وعندنا أنه لا فرق بين بقاء محل الجناية وزواله في حدوث السراية عنهما ، ويكون القود هاهنا على الجاني محمولا على