پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص174

قال : ولأن الدية تجب بإتلاف ما فيه منفعة كاليدين والرجلين ، وبإتلاف ما فيه جمال كالأنف والأذنين ، وفي هذا الشعر جمال وإن لم يكن فيه منفعة ، فاقتضى أن يجب فيه الدية كالأنف والأذنين .

قال : ولأن كل ما فرق بين رجل والمرأة وجبت فيه الدية كالذكر والأنثى .

ودليلنا : هو أن الدية لا تجب إلا توقيفاً كديات الشجاج والأطراف ، وليس في الشعر توقف فلم يجب فيه دية ، ولأن الدية تجب فيما يؤلم وليس في أخذ الشعر ألم ، وما اختص بالجمال دون الألم لم تكمل فيه الدية كاليد الشلاء ، ولأنه شعر لا يجب في العبد منه مقدر فلم يجب في الحر منه مقدر كشعر الجسد ، ولأن من لا يجب في شعر جسده مقدر لم يجب في شعر وجهه مقدر كالعبد ، ولأن ما جرت العادة بإزالته عند تجاوزه حده لم تجب الدية في إزالة أصله كالأظفار ، ثم في الأظفار مع الجمال نفع ليس في الشعر ، لأن الأنامل لا يتصرف إلا بها فنقص حكم الشعر عنها .

فأما احتجاجهم بقضاء علي رضوان الله عليه فقد خالفه فيه أبو بكر رضي الله عنه فقضى فيه بعشر من الإبل ، فقد خالفه فيه أبو بكر رضي الله عنه فقضى فيه بعشر من الإبل ، وخالفها فيه زيد فقضى فيه بثلث الدية ، وليس مع الخلاف إجماع ، وقياسه على الذكر لاختصاص الرجال به فيفسد بشعر الشارب يختص به الرجال ولا يجب فيه الدية .

ثم المعنى في الذكر أن فيه منفعة وإنما يخاف منه للسراية إلى النفس ، فخالف الشعر ، وما ذكره من القياس على الأنف والأذنين فلا تسوية بينهما وبين الشعر لأمرين :

أحدهما : أن في الأنف والأذنين منفعة ليست في الشعر ، لأن الأنف يحفظ النفس والشم ، والأذن يحفظ السمع ويدفع الأذى .

والثاني : أن في قطعهما ألما ربما أفضى إلى النفس بخلاف الشعر الذي لا يؤلم ولا يخاف منه التلف .

( مسألة )

قال الشافعي رحمه الله : ‘ ولو أصابته من جرح يده أكله فقطعت الكف لئلا تمشي الأكلة في جسده لم يضمن الجاني من قطع الكف شيئاً فإن مات من ذلك فنصف الدية على الجاني ويسقط نصفها لأنه جنى على نفسه ‘ .

قال الماوردي : وصورتها : في رجل قطع إصبع رجل فتآكلت ، وخاف المجني عليه سرايتها إلى نفسه فقطع كفه ليقطع سرايتها ، فهذا على ضربين :

أحدهما : أن يندمل بقطع كفه فيجب على الجاني القصاص في الإصبع التي