الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص170
والوجه الثاني : وهو قول أبي علي بن خيران أنها لا تكون قصاصاً ، لتقدمها على سراية الجناية وتميز الطرفين عن السرايتين ، فعلى هذا يصير المجني عليه مستحقا لدية النفس لفوات القصاص فيها بالسراية إليها وهي غير مضمونة لحدوثها عن مباح ، وقد استوفى المجني عليه من دية النفس عشرها وهي دية الإصبع المقتص منها ، فيرجع في مال الجاني بتسعة أعشار الدية ، وقد استوفينا هذين الجوابين لما تعلق بهما من شرح المذهب .
قال الماوردي : قد ذكرنا أن سراية الجناية مضمونة على الجاني ، وسراية القصاص غير مضمونة على المقتص له ، لحدوث سراية الجناية عن محظور وحدوث سراية القصاص عن مباح ، وإن سوى أبو حنيفة بين ضمان السرايتين ، فعلى هذا صورة مسئلتنا أن يقطع إصبعه فيقتص من إصبعه ، ثم تسرى الجناية إلى نفس المجني عليه ، فيجب أن يقتص له من نفس الجاني ، ولو كان المجني عليه قد أخذ دية إصبعه ثم مات من سرايتها لم يقتص له من نفس الجاني ، لأن أخذه لدية إصبعه عفو عن القصاص فيها ، وسراية ما لا قصاص فيه غير موجبة للقصاص ، وله أن يرجع بتسعة أعشار الدية ، لأنه قد أخذ في دية الإصبع عشرها ، فصار مستوفياً لجميع الدية .
قال الماوردي : اعلم أن سراية الجناية تنقسم ثلاثة أقسام :
أحدها : أن تسري إلى النفس ، فيجب القصاص له في السراية كوجوبه في الجناية لأن النفس تؤخذ تارة بالتوجئة وتارة بالسراية ، فوجب القصاص في الحالين وليست النفس عيناً ترى فتنفرد بالأخذ ، فلو سرى قصاص الجناية إلى النفس كان وفاء لحق المجني عليه .
والقسم الثاني : أن تسري الجناية إلى عضو في الجسد كسراية قطع الإصبع إلى الكف وسراية قطع الكف إلى المرفق ، فالقصاص في الجناية دون السراية ، ويؤخذ