الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص140
وروى البراء بن عازب عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ من حرق حرقناه ومن غرق غرقناه ‘ .
وروى أنس أن رجلاً من اليهود شدخ رأس جارية من الأنصار فقتلها ، وأخذ حليها ، فأمر به رسول الله ( ص ) فشدخ رأسه بين حجرين حتى قتل . ولأن كل آلة قتل مثلها جاز استيفاء القصاص بمثلها كالسيف .
ولأن القصاص موضوع للمماثلة وهي معتبرة في النفس فكان أولى أن تعتبر في آلة القتل .
ولأن القتل مستحق لله تعالى تارة وللآدميين تارة ، فلما تنوع في حق الله تعالى نوعين بالحديد تارة ، وبالمثقل في رجم الزاني المحصن ، وجب أن يتنوع في حقوق الآدميين نوعين بمثقل وغير مثقل .
وتحريره قياساً : أحد القتلين فوجب أن يتنوع استيفاء نوعين كالقتل في حقوق الله تعالى .
فأما الجواب عن قوله : ‘ لا قود إلا بالسيف ‘ .
وقوله : ‘ إلا بحديدة ‘ ، فمحمول على القتل إذا كان بسيف أو حديدة ، ورواية ابن عباس ‘ أن لا يعذب بالنار إلا رب النار ‘ فوارد في غير القصاص ، لأن القصاص مماثلة ليس بعذاب ، وإنما هو استيفاء حق ، وكذا الجواب عن قياسهم على قتل المرتد .
وأما قياسه على الذبائح مع فساده يرجم الزاني المحصن فالمعنى فيه : أن المماثلة غير معتبرة فيه ، وأن محل الذبح معين ، فجاز أن تكون الآلة معينة ، ولما اعتبرت المماثلة بمحل الجناية اعتبرت بمثل آلتها .
أن يقتل بالسحر ، أو باللواط ، أو بسقي الخمر ، فلا يقتل بالسحر وإن قتل ولا يقتل باللواط وإن لاط به ، ولا يقتب بسقي الخمر وإن سقاه ، ويعدل إلى قتله بالسيف .
وحكي عن أبي إسحاق المروزي : أنه يقتل في قتل اللواط بإيلاج خشبة ، وفي سقي الخمر بسقي الخل ، وهذا فاسد ، لأنه لما تعذرت المماثلة لحظرها على الفاعل والمفعول به ، ولم يكن في العدول عنها مماثلة ، كان السيف أحق ، فأما إذا قتل بالسم المهري احتمل القصاص بمثله وجهين :