الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص125
سقوط القود في اليد سقوطه في النفس ، ولم يستحق إلا نصف الدية ، لأنه قد أخذ ما فيه نصفها .
أحدهما : يرجع عليه بخمسة أسداس الدية ، لأن دية المسلم اثنا عشر ألف درهم ودية النصراني ثلثها أربعة آلاف درهم وقد اقتص من إحدى يديه بنصفها وهو ألفا درهم ، وقدرهما سدس دية المسلم ، فصار الباقي له خمسة أسداسها .
والوجه الثاني : وهو أشبه أن يرجع على النصراني بنصف الدية لأنه لما رضى المسلم أن يأخذ يد النصراني بيده ودية اليد نصف دية النفس صار الباقي له نصف الدية ألا تراه لو ابتدأ النصراني بقتل المسلم فرضى وليه أن يقتص منه كانت نفسه بنفس المسلم ولم يرجع وليه بفاضل ديته ، كذلك في اليد ، ولو كان النصراني قطع يدي المسلم فاقتص المسلم منها ثم مات المسلم كان لوليه القصاص في النفس ، فإن عفا عنه إلى الدية كان على الوجهين أيضاً :
أحدهما : يرجع عليه بثلثي الدية ؛ لأنه قد أخذ منها باليدين دية نصراني قدرها أربعة آلاف درهم وذلك ثلث دية المسلم فبقي له ثلثاها .
والوجه الثاني : أنه لا شيء له عليه ، لأن في يدي النصراني دية نفسه فصار في الاقتصاص منها كالمقتص من نفسه ، وعلى هذين الوجهين لو قطعت امرأة يد رجل فاقتص منها ثم مات الرجل كان لوليه أن يقتص من نفس المرأة ، فإن عفا عنها إلى الدية رجع عليها في الوجه الأول بثلاثة أرباع الدية ، لأن دية المرأة نصف دية الرجل وقد أخذ بيدها نصف ديتها وهي ربع دية الرجل فبقي له ثلاثة أرباعها .
وعلى الوجه الثاني يرجع عليها بنصف الدية ، لأنه قد أخذ باليد نصف الدية ، والديتان مع تفاضلهما يتماثلان في القصاص ، ولو قطعت المرأة يدي الرجل فاقتص منها ثم مات : فعلى الوجه الأول يرجع وليه عليها إن لم يقتص من نفسها بنصف الدية ، ولا يرجع عليها في الوجه الثاني بشيء لاقتصاصه من يدين يجب فيها دية النفس .