الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص115
للوكيل حين لم يعلمه بعفوه ، وسواء كان هذا الوكيل مستعملاً أو متطوعاً ، وهكذا الحكم في الأطراف إذا اقتص منها الوكيل بعد العفو .
قال الماوردي : إذا وجب القصاص على حامل أو وجب عليها وهي حائل فحملت ، لم يجز أن يقتص منها حاملاً حتى تضع لقول الله تعالى ( فقد جعلنا لوليه سلطاناً فلا يسرف في القتل ) [ الإسراء : 33 ] وفي قتل الحامل سرف للتعدي بقتل الحمل معها ، ولأن الغامدية أقرت عند رسول الله ( ص ) بالزنا وهي حامل ، وقالت : طهرني يا رسو ل الله فقال لها : ‘ أذهبي حتى تضعي حملك ‘ وأمر عمر برجم امرأة أقرت بالزنا وهي حامل فردها علي وقال لعمر رضي الله عنهما إنه لا سبيل لك على ما في بطنها ، فقال عمر : ‘ لولا علي لهلك عمر ‘ .
وقيل : بل كان القائل ذلك معاذ بن جبل فقال له عمر : ( كاد النساء يعجزون أن يلدن مثلك ‘ والأول أشهر ولأنه قد تقابل في الحامل حقان :
أحدهما : يوجب تعجيل قتلها وهو القصاص .
والثاني : استبقاء حياتها وهو الحمل ، فقدم حق الحمل في الاستيفاء على حق القصاص في التعجيل لأن في تعجيل قتلها إسقاط أحد الحقين وفي إنظارها استيفاء الحقين ، فكان الإنظار أولى من التعجيل ، وسواء كانت في أول الحمل أو في آخره ، علم ذلك بحركة الحمل أو لم يعلم إلا بقولها ليستبرأ صحة دعواها .
وقال أبو سعيد الإصطخري : لا تقبل دعواها للحمل حتى يشهد به أربع نسوة عدول ، ويعجل قتلها إن لم يشهدن لها ، وهذا خطأ لقول الله تعالى ( ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر ) [ البقرة : 228 ] فكان هذا الوعيد على ما وجب من قبول قولها فيه ، وتحلف عليه إن اتهمت ، فإذا وضعت حملها أمهلت حتى ترضع ولدها اللبأ الذي لا يحيا المولود إلا به ، ويتعذر وجوده من غيرها في الأغلب ، فإذا أرضعته ما لا يحيا إلا به لم يخل حاله في رضاعه من أربعة أقسام :
أحدها : أن لا يوجد له مرضع سواها ، فالواجب الصبر عليها حتى تستكمل رضاعة حولين كاملين ، لأنه لما أخرناها لحفظ حياته حملاً فأولى أن نؤخرها لحفظ