پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص113

( فصل )

وأما الضرب الثاني : وهو التوكيل في استيفاء القصاص فعلى ضربين :

أحدهما : أن يستوفيه بمشهد الموكل فيصح الوكيل ، لأنها استنابة في مباشرة الاستيفاء والموكل هو المستوفى .

والضرب الثاني : أن يوكله في استيفائه مع غيبته عنه ، فظاهر ما قاله هاهنا صحة الوكالة ، وظاهر ما قاله في كتاب ‘ الوكالة ‘ فسادها ، فخرجه أكثر أصحابنا على قولين :

أحدهما : وهو قول أبي حنيفة فسادها .

والثاني : وهو أصح جوازها وقد مضى توجيه القولين ، ومن عدل بهما من أصحابنا إلى اختلاف تأويلين ، وعلى كلى القولين من صحة الوكالة وفسادها إذا استوفاه الوكيل كان مستوفياً لحق موكله لتصرفه فيه عن إذنه ، ولا ضمان عليه من قود ولا دية .

( فصل )

فإذا تقرر ما وصفنا فصورة مسألتنا أن يوكله في القصاص ، ثم يعفو عنه ويستوفيه الوكيل منه فهذا على ضربين :

أحدهما : أن يعفو بعد اقتصاص الوكيل ، فيكون عفوه باطلاً ، لأن عفوه بعد الاستيفاء كعفوه عن دين قد استوفاه وكيله ويكون عفوه بعد القبض باطلاً .

والضرب الثاني : أن يعفو قبل أن يقتص الوكيل ، فهذا على ضربين :

أحدهما : أن تكون مسافة الوكيل أبعد من زمان العفو مثل أن يكون الوكيل على مسافة عشرة أيام ، ويعفو الموكل قبل القصاص بخمسة أيام ، فيكون عفوه باطلا لا حكم له كما لو رمى سلاحه على المتقص منه ، ثم عفا عنه قبل وصول السلاح إليه كان عفوه هدراً ؛ لأنه عفو عما لا يمكن استدراكه .

والضرب الثاني : أن تكون مسافة الوكيل أقصر من زمان العفو ، مثل أن يكون الوكيل على مسافة خمسة أيام ويعفو الموكل قبل اقتصاص الوكيل بعشرة أيام ، فهذا على ضربين :

أحدهما : أن يعلم الوكيل بعفو موكله قبل القصاص فيبطل حكم الإذن ويصير قاتلاً بغير حق ، فيجب عليه القود ، ويكون الموكل على حقه من الدية إن لم يعف عنها على ما قدمناه من شرح القولين :

والضرب الثاني : أن لا يعلم الوكيل بعفو الموكل حتى يقتص فلا قود عليه ، لأنه مستصحب حالة إباحة ، فكانت أقوى شبهة في سقوط القود ، وفي وجوب الدية عليه قولان :