الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص112
دون المتقص له .
وقال أبو حنيفة : تكون الأجرة في مال المقتص له دون المقتص منه ، وسيأتي الكلام معه .
قال الماوردي : أما التوكيل في القصاص فضربان :
أحدهما : توكيل في إثباته .
والثاني : توكيل في استيفائه .
وقد ذكرنا كلا الضربين في كتاب ‘ الوكالة ‘ ، ونحن نشير إليهما ، في هذا الموضع .
أما الضرب الأول وهو التوكيل في إثبات القصاص فهو جائز عند جمهور الفقهاء إلا أبا يوسف وحده ، فإنه منع منه ، لأنه حد يدرأ بالشبهة ، وهذا فاسد ، لأن الشبهة ما اختصت بالفعل أو بالفاعل فلم يتعد إلى التوكيل والموكل ، ولأن التوكيل في الإثبات مختص بإقامة البينة وإثبات الحجة ، وهذا يجوز أن يفعله الموكل وتصح فيه النيابة .
فإذا ثبت جواز التوكيل في إثبات القصاص لم يكن للوكيل أن يستوفيه بعد ثبوته إلا بإذن موكله ، وهو قول جمهور الفقهاء إلا ابن أبي ليلى وحده ، فإنه جوز له استيفاء القصاص وحده بعد إثباته ، لأنه مقصود الإثبات ، فأشبه الوكيل في البيع يجوز له قبض الثمن من غير إذن لأنه مقصود البيع وهذا فاسد ؛ لأن فعل الموكل مقصور على ما تضمنه التوكيل فلم يجز أن يتعداه ولأن إثبات القصاص يقف موجبة على خيار الموكل دون الوكيل ، ولأن في استيفائه للقصاص إتلاف ما لا يستدرك وخالف قبض الثمن في البيع من وجهين .
أحدها : أن المقصود في البيع قبض الثمن ، والمقصود في القصاص مختلف .
والثاني : أن رد الثمن مستدرك ، ورد القصاص غير مستدرك ، فعلى هذا لو اقتص الوكيل كان عليه القود ، وينتقل حق الموكل إلى الدية لفوات القصاص .