الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص107
قال الماوردي : أعلم أنه لا يخلو حال الوارث لقتل العمد في عفوه من أحد ثلاثة أقسام :
أحدها : أن يكون جائز الأمر مالك التصرف فيصح عفوه عن القود وعن الدية جميعاً .
والقسم الثاني : أن يكون محجوراً عليه لا يجري عليه قلم كالصغير والمجنون ، فلا يصح عفوه عن القود ولا عن الدية جميعاً .
والقسم الثالث : : أن يتعلق به حجر من وجه وإن جرى عليه القلم فهذا قد يستحق من أحد أربعة أوجه :
أحدها : أن يتعلق بتركه المقتول ديون ووصايا فتتعلق بدينه كما يتعلق بتركته على ما سنذكره ، فيصير الوارث في حكم المحجور عليه فيها حتى تقضى الديون وتنفذ الوصايا .
والثاني : أن يكون الوارث محجوراً عليه بالفلس في حقوق غرمائه حتى يستوعبوا ماله في ديونهم .
والثالث : أن يكون الوارث محجورا عليه ، لسفه في حق نفسه حفظاً لماله .
والرابع : أن يكون الوارث مريضاً يمنع في حق الورثة من العطاء إلا في ثلثه فهؤلاء الأربعة يصح عفوهم عن القود إلى الدية ، لأن القود لا يؤثر في حقوقهم والعفو عنه أرفق بهم وفي صحة عفوهم عن الدية قولان :
أحدهما : يصح من جميعهم ، وهذا على القول الذي يجعل قتل العمد فيه موجباً للقود وحده والدية لا تجب إلا باختيار الوارث ، فيصح عفوه ، لأنه لم يملكها فيعارض فيه ولا يملكها إلا بالاختيار ، وهو لا يجبر على الاختيار ، لأنه اكتساب عما لا يجبر على قبول الوصايا والهبات .
والقول الثاني : أن عفو الثلاثة باطل لا يصح ، وهذا على القول الذي يجعل قتل العمد فيه موجباً للقود ، أو الدية لأنه عفو عن مال قد تعلق به حق غيره .
فأما المريض فعفوه على هذا القول معتبر من ثلثه ، فإن احتمل ثلثه جميع الدية صح عفوه عنها ، وإن لم يملك غيرها صح عفوه عن ثلثها وبطل عن باقيها فأما المزني فإنه تكلم على فصلين :
أحدهما : الرد على أبي حنيفة في منعه من الدية إلا عن مراضاة .