الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص103
العدول عن مقتضى الخير .
ولأن القود إذا تعين لجماعة لم يجز أن ينفرد به بعضهم ، كما لو كانوا جميعاً أهل رشد .
ولأن القود أحد بدلي النفس فلم يجز أن يستوفيه بعض الورثة كالدية .
ولأن كل من لم ينفرد باستيفاء الدية لم يجز أن ينفرد باستيفاء القود كالأجانب .
وأما الآية فمحمولة على الولي إذا كان واحداً .
وأما تفرد الحسن بقتل ابن ملجم لعنه الله فعنه جوابان :
أحدهما : انه قد كان في شركائه من البالغين من لم يستأذنه ، لأن علياً خلف حين قتل على ما حكاه بعض أهل النقل ستة عشر ذكراً وست عشرة أنثى فيكون جوابهم عن ترك استئذانه للأكابر جوابنا في ترك وقوفه على بلوغ الأصاغر .
والجواب الثاني : أن ابن ملجم انحتم قتله لسعيه بالفساد ، لأن من قتل إمام عدل فقد سعى في الأرض فساداً فصار محتوم القتل ، لا يجوز العفو عنه فلا يلزم استئذان الورثة فيه .
والجواب الثالث : أن ابن ملجم استحل قتل علي عليه السلام فصار باستحلاله قتله كافراً ، لأن من استحل قتل إمام عدل كان كافراً فقتله الحسن لكفره ولم يقتله قوداً ، وقد روي أن النبي ( ص ) أيقظ علياً من نومه في بعض الأسفار ، وقد سيقت الريح عليه التراب ، فقال قم يا أبا تراب ثم قال : أتعرف أشقى الأولين والآخرين قال الله ورسوله أعلم ، قال : أشقى الأولين عاقر ناقة صالح ، وأشقى الآخرين من خضب هذه من هذا ، وأشار إلى خضاب لحيته من دم رأسه ، فيجوز أن يكون الحسن عرف بهذا الخبر كفر ابن ملجم لعنه الله لاعتقاده استباحة قتل علي فقتله بذلك .
وأما قياسهم على ولاية النكاح فعنه جوابان :
أحدهما : أن ولاية النكاح يستحقها الأكابر دون الأصاغر ، فجاز أن ينفرد بها الأكابر والقود يستحقه الأكابر والأصاغر فلم يجز أن ينفرد به الأكابر .
والثاني : أن ولاية النكاح يستحقها كل واحد منهم فجاز أن ينفرد بها أحدهم والقود يستحقه جميعهم فلم يجز أن ينفرد به بعضهم .