الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص102
فليس لهذا الوارث أن ينفرد بالقود ، لأنه لا ينفرد بالميراث وشريكه في استيفائه الإمام ، لأن باقي التركة ميراث لبيت المال .
فإن اتفق الوارث والإمام على القود وجب ، وإن اراده أحدهما دون الآخر سقط ، واستحق الدية ، وكان الوارث في حقه منهما بالخيار بين الاستيفاء والعفو ، وفي خيار الإمام في حق بيت المال فيهما وجهان على ما مضى .
قال الماوردي : أما إذا كان ورثة القتيل أهل رشد لا ولاية على واحد منهم ، فليس لبعضهم أن ينفرد بالقود دون شركائه ، وعليه أن يستأذن من حضر وينتظر من غاب ، وهذا متفق عليه لقول النبي ( ص ) ‘ فأهله بين خيرتين إن إحبوا قتلوا وإن أحبوا أخذوا العقل ‘ فأما إن كان فيهم مولى عليه لعدم رشده بجنون أو صغر فقد اختلف فيه الفقهاء .
فذهب الشافعي إلى أن القود موقوف لا يجوز أن ينفرد به الرشيد حتى يبلغ الصغير ويفيق المجنون ، ويجتمعون على استيفائه ، ولا يجوز لولي الصغير أن ينوب عنه في الاستيفاء .
وقال أبو حنيفة ومالك : يجوز للرشيد منهم أن ينفرد باستيفاء القود ولا ينتظر بلوغ الصغير وإفاقة المجنون ، ولو كان مستحقه صغيراً أو مجنونا جاز لوليه أن ينوب عنه في استيفائه استدلالا بقول الله تعالى ( فقد جعلنا لوليه سلطاناً ) [ الإسراء : 33 ] فذكره بلفظ الواحد فدل على جواز أن يستوفيه الولي الواحد .
ولأن ابن ملجم قتل علياً رضوان الله عليه فاقتص منه ابنه الحسن ، وقد شاركه من أخوته صغار لم يبلغوا ، ولم يقف القود على بلوغهم ولم يخالفه أحد من الصحابة رضي الله عنهم ، فصار إجماعاً على جواز تفرده به .
قال : ولأن للقود حق يصح فيه النيابة فجاز إذا لم يتبعض أن ينفرد به بعضهم كولاية النكاح ، ولأن القود إذا وجب لجماعة لم يمتنع أن ينفرد باستيفائه واحد ، كالقتيل إذا لم يترك وارثاً استحق قوده جماعة المسلمين ، وكان للإمام أن ينفرد باسيتفائه .
ودليلنا قول النبي ( ص ) ‘ فمن قتل بعده قتيلاً فأهله بين خيرتين إن أحبوا قتلوا ، وإن أحبوا أخذوا العقل ‘ فجعل ذلك لجماعتهم ، فلم يجز أن ينفرد به بعضهم ، لما فيه من