الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص97
بالمراضاة ، فجاز أن يعدل عنه بغير مراضاة .
أحدهما : أنه موجب لأحد أمرين من القود ، أو الدية ، وكلاهما بدل من النفس ، وليست الدية بدلاً من القود ، والولي فيهما بالخيار ، كالحالف مخير في الكفارة بين الإطعام والكسوة والعتق .
ووجه ذلك شيئان :
أحدهما : قول النبي ( ص ) : ‘ فمن قتل بعده قتيلاً فأهله بين خيرتين إن أحبوا قتلوا ، وإن أحبوا أخذوا العقل ‘ وتخيرهم بين القود والدية يقتضي أن يكون كل واحد منهما بدلاً من القتل كالكفارة .
والثاني : أن الدية بدل من نفس المقتول دون القاتل ، بدليل أن المرأة لو قتلت رجلاً وجب عليها دية الرجل ، فلو جعلت الدية بدلاً من القود صارت بدلا من نفس القاتل دون المقتول ، ولو وجب على المرأة إذا قتلت رجلاً أن يؤخذ منها دية امرأة ، إذا ثبت أن الدية بدلاً من نفس المقتول جرت مجرى القود فصارا واجبين بالقتل .
والقول الثاني : أن قتل العمد موجب للقود وحده ، وهو بدل النفس ، فإن عدل عنه إلى الدية كانت بدلاً من القود فيصير بدلا عن النفس .
ووجهه شيئان :
أحدهما : قول الله تعالى ( كتب عليكم القصاص في القتلى ) فدل على أن الذي يجب له القصاص وحده .
والثاني : أن قتل الخطأ لما أوجب بدلاً واحداً ، وهو الدية اعتباراً بالمتلفات التي ليس لها مثل ، اقتضى أن يكون قتل العمد موجباً لبدل واحد ، وهو القود اعتباراً بالمتلفات التي لها مثل .
فإن قلنا بالقول الأول إن قتل العمد موجب لأحد شيئين إما القود أو الدية فلولي المقتول في الاختيار والعفو سبعة أحوال :
أحدها : أن يختار القود ، فلا يسقط حقه من الدية إلا أن يقتص ، فإن عدل عن القود إلى الدية استحقها ، لأنه قد عدل بها عن الأغلظ إلى الأخف .