پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج12-ص88

علاج ودواء ، فإن لم يذهب إلا بذهاب الحدقة فلا قصاص فيها وعليه ديتها ، لأن ما لم يمكن الاقتصاص منه إلا بالتعدي إلى غيره سقط القصاص فيه لعدم المماثلة .

( مسألة )

قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ وإن كان الجاني مغلوبا على عقله فلا قصاص عليه إلا السكران فإنه كالصحيح ‘ .

قال الماوردي : كل من لم يجر عليه قلم بجنون أو صغر فلا قصاص عليه إذا جرح أو قتل ، وسواء كان الصغير مميزاً أو غير مميز لقول النبي ( ص ) ‘ رفع القلم عن ثلاث : عن الصبي حتى يحتلم ، وعن المجنون حتى يفيق ، وعن النائم حتى ينتبه ‘ .

ولأن القصاص حد فأشبه في سقوطه عن الصبي والمجنون سائر الحدود .

ولأن ما تعلق بحقوق الأبدان لا يجب على غير مكلف كالصلاة والصيام ، فإذا سقط القصاص عنهما فعليهما الدية ، لأن حقوق الأموال لا تسقط بعدم التكليف كقيم المتلفات ، ولأن القصد فيها غير معتبر فلم تسقط بعدم القصد كالخاطئ .

( فصل )

فإذا ثبت وجوب الدية عليهما ، لم تخل جنايتهما من أن تكون على وجه الخطأ أو العمد ، فإن كانت منهما على وجه الخطأ فالدية متحققة على عواقلهما ، وإن كانت على وجه العمد ففي عمدهما قولان :

أحدهما : أنه كالخطأ لعدم قصدهما فتكون الدية محققة على عواقلهما .

والقول الثاني : أنه كعمد غيرهما ، وإن سقط القصاص عنهما لعدم تكليفهما ، فتجب الدية عليهما مغلظة في أموالهما حالة .

فلو بلغ الصبي بعد صغره ، وأفاق المجنون بعد قتله ، لم يستحق عليها القصاص فيما جناه في الصغر والجنون ، فلو اختلفا بعد البلوغ والإفاقة مع ولي المقتول .

فقال القاتل : قتلت قبل البلوغ فلا قود علي .

وقال الولي : قتلت بعد البلوغ فعليك القود .

فالقول قول القاتل مع يمينه ، لأن الصغر صفة متحققة ، والأصل : ‘ أن جنب المؤمن حمى ‘ .

ولو قال القاتل : كنت عند القتل مجنوناً . وقال الولي : بل كنت مفيقاً . فلا يخلو حال القاتل من ثلاثة أقسام :

أحدها : أن لا يعلم له جنون متقدم فالقول قول الولي ، وعلى القاتل القود ؛ لأن الأصل السلامة .